السبت، 31 أغسطس 2013

"حـذاري من الحــب" نوفيلا 12









فتحت نهلة فمها إلي أخره تعبيراً عن تعجبها مما فعلته لبني مع عمرو أنها قفزت إلي أحضانه و كأنه زوجته التي آتت بعد طول غياب ، ألتفت إليهما لتجد عمرو يحاول إبعادها و هو تحت تأثير صدمته مما فعلته و هي تود سؤاله بإلحاح من أين يعرف لبني لكنها تملكت لسانها و نظر إليه و هي ممسكة بخصرها تنظر إليه بشرارة .
أبعدها عمرو عنه برفق فوقفت لبني علي بعد خطوات منه تبدل النظرات بينه و بين نهلة ثم نظرت لنهلة من أخمص قدامها إلي أعلي رأسها و حولت نظرها لعمرو برقة ، فنظر عمرو لنهلة و ابتلع أنفاسه و فتح فمه ليتحدث فقاطعته شمس :
" صباح الخير يا ولآد "
نظرت نهلة إليها و اتجهت تقبلها بينما ظل عمرو مكانه و أمامه نهلة التي تتصرف و كأنه بيتها بينما جلست نهلة جانب شمس علي الأريكة القابعة جانب الشرفة المفتوحة تنظر لهما بينما قال عمرو :
"أيه اللي جابك هنا يا نهلة"
اقتربت منه و قالت بدلال :
"المستشفي بعتني هنا عشان التمريض و معايا سماح و عايدة كمان "
فح فمه ليتحدث فقاطعته والدته:
" مين دي يا عمرو ؟؟"
أجابته نهلة بنبرة ساخرة:
"دي لبني سهر الليالي يا طنط "
تعجب عمرو من معرفة نهلة بها لكنه تجاهل الأمر و اقترب من لبني:
"أمشي روحي علي الوحدة و دكتور عصام هناك ها يقولك مكان نومك فين"
" وحضرتك مش جاي "
كظم ضيقه و هتف بنبرة منخفضة:
 " مش انهارده .. أمشي بقي أحسنلك "
ابتلعت أنفاسها حين تحولت نبرته لغيظ مكتوم و خشت أن يحدث شيء فحملت حقيبتها الصغيرة و اتجهت إلي باب المنزل بينما سار عمرو إليهما وضعاً كلتا يداه في جيبه رسماً علي شفتيه ابتسامة بلهاء :
 "صياح النور يا أمي "
 تجاهلت صباحه متسائلة بخبث أمومي بحت :
" مين دي يا دكتور يا عمرو " 
ابتلع عمرو أنفاسه و بادل نظراته بين والدته و نهلة التي اندفعت قالها بخبث:
"نهلة سهر الليالي "
ابتسم عمرو متسائلاً:
"أنتي تعرفيها منين ؟!"
نهضت من مقعدها و اتجهت إليه ثم مالت علي آذانه هامسة:
"ما هي لبني سهر الليالي كانت دائما تعقد في المساء والسهرة في المستشفي اللي جنب بيتنا اللي أنت قولت عليه أنه ... "
قاطعها قائلاً:
"بس خلاص "
نظرت له بتشفي بينما التف لوالدته قائلاً:
" دي ممرضة جاي عشان الوحدة يا ماما "
" كده ضمنت أن البلد كلها ها تجي الوحدة  "
قالتها نهلة واتجهت إلي المطبخ تفكر فيما تفعله مع عمرو و إلي سيأخذها ذلك التيار ...    
***********
جلس عمرو بجانب منال التي كانت تجلس علي حافة المجري المائية في شرود حزين يظلله شعاع الشمس القوي ،انتبهت له و هو يجلس لكنها ظلت تنظر للمياه دون أن تلتفت له لكنه وضع أنامله علي معصمها و أدارها لتصبح في مواجهته ثم رفع رأسها إليه فتلاقت أعيونهم التي تحمل نفس لون العسل ، ظلت منال تنظر إلي عمرو بنظرة ارتواء العاشق حتى تنحنح عمرو قائلاً:
" مالك يا منال"
رفعت أناملها اليمني و وضعتهم علي أنامله فأمسك بها بقوة هامساً:
"مالك"
"شريف يا عمرو مش حاسس بيا ولا أنا حاسة به سنتين جواز ولا الهواء بينا "
تبدلت ملامحه و انتاب وجهه الوجوم و الضيق:
" كان لازم ترفضي من الأول .. تقولي لا .. كان لازم تستنيني لحد ما أرجع كان لازم "
" أنت عارف أني لوحدي أمي عايشه مع جوزها و خلاص مبقتش محتاجني و أنت سفرت تكمل بره و أنا وسطهم لوحدي يا عمرو مكنش في أيدي حاجة خالص"
ترقرقت عينيها بالدموع و أكملت بصوت باكي :
"أنا مش سعيدة خالص شريف كأنه مش معايا ، ما هو فعلاً مش عايش معايا هو وسط الشركة و المصانع و الأرض و بيجي هنا ينام ومش بيعدي حتى علي بيتنا أنا مش فارقة أصلاً معه .."
أغمضت عينيها و أخذت نفساً قصيراً ثم استردت :
" و أنت كتبت كتابك فجأة من غير أي حاجة يعني حتى أنت مبقتش من حقي "
أخرج عمرو من جيبه منديلاً و رفع رأسها بيده و راح يمسح دموعها ثم أمسك بيدها بقوة:
"أنا دائماً من حقك يا منال .. الجواز دي مؤقتة عشان ظروف أنتي أكتر واحدة عرفها تعدي وكل حاجة ها ترجع "
"أنت فيك حاجة متغير يا عمرو .."
نظر لها بتمعن ثم تنهدت قائلاً:
" مش عارفه يا منال أنا حاسس بظلم معايا كثير حتى نفسي "
وضعت أناملها علي شعره برفق ثم همست :
"فاكر زمان لما كنت بضيق كنت بعملك أيه "
ابتسمت لها و حاول التهرب بمقومة ضعيفة جداً لكنها ألحت برقة قائلة:
"حسسني ولو بالكذب أننا زمان .. أنا عارفه أنك نفسك تحس به زى و يمكن أكتر "
تلاشت مقومه تماماً وفتح لها زراعه فدخلت هي مستكينة بداخله كطفلة في حضن أبيه و نسي هو كل شيء تلاشي الزمان و الحديث و المكان من حوله إلا هي ضمها إليه أكثر و بقوة ...
*********
جلست علي فراشها بعد أن أبدلت ثيابها واضعة يداها أسفل ذقنها تفكر فيما حدث لها و فيما سوف يحدث لها و الذي لا يعلمه سوي الله لكنها علي الأقل يجيب أن تعرف ماذا سوف تفعل لو طلقها عمرو و حملت لقب مطلقة سيكون الوضع قاسياً كما أنها لن تستطيع تبريره لليلي أو حتى لنفسها لم قبلت ذلك الوضع من البداية أنها أخطأت و ماذا في ذلك ليس بين البشر أحداً معصوم من الخطأ أم أنها خشت أن يفعل عمرو شيئاً مع ليلي حتى عمرو أسبابه لزواجها ضعيفة جداً لم يكن سيحدث شيء لوالدته ستصدم قليلاً ثم تبحث له علي آخري من جديد ، أن ما يتعبها حقاً هو تلك الحلقة المفقودة بينهما التي ستربط كل ما حدث و كل ما سوف يحدث لتتكون السلسلة و تتضح الرؤية لعينيها ..
أفاقت علي طرقات الباب الغوغاء فأذنت للطارق بالدخول بكلمة مقتضبة فدخلت حنان قائلة :
" الست الكبيرة عاوزه حضرتك في أوضتها"
نهضت من فراشها:
"طيب جاية ورائكي "
وضعت حجابها علي رأسها و دلفت من غرفتها و هي تغلق الباب سارت ببطء إلي غرفة والده عمرو طرقت الباب بهدوء و دلفت حين سمحت لها :
"حضرتك عايزني يا طنط"
أشارت لها بأن تقترب قائلة بشاشة:
"آه تعالي يا نونا جنبي "
اقتربت منها مبتسمة :
"حاضر يا طنط "
" بصي بقي أنا لاحظت كسوفك و قعدتك في أوضتك ليل مع نهار و أنا عايزكي تبقي مع عمرو علي طول و تطلبي كأنه بيتك لأنه هو أصلاً بيتك يا حبيبتي .. أنا عارفه أن عمرو شخصيته صعب حد يفهمها و محدش بيرضي بسهولة و كثير بيكون قاسي زى أبوه الله يرحمه لكنه طيب و اللي يكسبه بيكسب حاجات كثير .. فاهمني يا نهلة "
تنهدت نهلة ثم قالت بعفوية:
"طنط عمرو مش بيديني حتى الفرصة أني اقرب منه"
تعجبت شمس قائلة:
"أزاي يا نهلة هو مش خطبك عشان معجب بك وصليها أنتي للحب"
تنهدت و تذكرت ما لا تعرفه فابتسمت ابتسامة حزينة قائلة:
"حاضر يا طنط ها أحاول بكل طاقتي "
رطبت علي كتفيها:
"ربنا يسعدكم يأرب "
ابتسمت لها نهلة بينما حاولت شمس النهوض فتسألت نهلة:
"عايزه حاجة يا طنط"
"آه ها أقوم أقفل البلكونة عشان أشغل التكيف بس "
"خليكي مستريحة و أنا ها أقوم أقفلها"
نهضت متجه إلي الشرفة خرجت تلتقط أطرافها لتغلقها لكنها توقفت لدقائق طويلة فتسألت شمس:
" في حاجة بره و لا أيه "
أفاقت نهلة فأغلقت نهلة الشرفة سريعاً و ألتفت قائلة:
"أصل المنظر بره حلو أوي يا طنط "
"طيب أنا ها أسيبك تنزلي لكن لينا قعده ثانية .. ماشي"
"أكيد يا طنط"
"و أي حاجة عايزها أوعي تتكسفي و أطلبيها علي طول"
اتجهت إليها و قبلت رأسها قائلة:
"ربنا يخليكي يا طنط "
قالتها ثم خرجت من الغرفة بينما عادت شمس لتكمل الكتاب الذي معها ...
هبطت نهلة الدرج و اتجهت إلي المطبخ و ما أن رأتها حنان حتى هتفت:
"عايزه حاجة يا آنسة نهلة"
"تعرفي تعملي كاكاو يا حنان"
"أمال أيه حالا يكون عندك"
ابتسمت لها واتجهت إلي البهو جلست علي الأريكة أمام التلفاز الكبير بدلت القنوات حتى عثرت علي فيلم الشموع السوداء أنها تحب هذا الفيلم كثيراً رغم حزنه إلا أنه يمثل جانب مهم من حياة بعض الناس جلست كالقوقعة تتابعه بينما وضعت حنان كوب الشيكولاته أمامها و انصرفت جلست هي تتابع الفيلم حتى انتهي ..
كان الليل قد دخل و الجميع لم ينزل بعد فصعدت غرفتها تحضر رواية النظارة السوداء التي معها و عادت أمام التلفاز بعد أن طلبت من حنان كوب آخر ، جلست تقرأه و التلفاز يعمل جانبها :
"مساء الخير يا نهلة !"
قال عمرو تلك الجملة وهو يقف أمام نهلة و علي وجه ملامح السعادة أو الراحة ، رفعت نهلة رأسها إليه و تنهدت و هي تغلق الكتاب وتنهض
من مجلسها:
" مساء النور"
"رايحة فين ما تكملي الفيلم و الرواية"
وقفت أمامه و نظرت له نظرة غريبة ثم همست:
"لا معلش ها أكمل فوق يا عمرو"
قالتها و سارت بجانبه فأوقفها هو :
" مالك يا نهلة بتكلمي كده ليه"
وقفت أمامه و قالت بوجوم:
" بتكلم أزاي يعني "
هز كتفيه قائلاً:
"يعني مش زى الصبح كده"
نظرت له باستخفاف :
"عشان أنا مش أختك يا عمرو .. أنا مش أختك"
قالتها و اتجهت إلي الدرج بينما أوقفها مستفهم:
"مش فاهم حاجة منك .. أختي أيه و بنت عمتي أيه"
وقفت علي الدرج الأول و نظرت في عينيه:
"عايز تفهم .. جرب تبقي تطلع البلكونة تلاقي واحد أخذني في حضنه علي المياه "
أبتلع أنفاسه و قال بثبات :
"أنتي شفتي ؟"
"آه و تخيل شفتك من بلكونة مامتك يعني كانت ممكن هي اللي تشوفك و تخيل مدي سوء موقفك وموقفة الهانم المتجوزة و في حضنك!"
صرخ قائلاً:
"نهلة متكلميش عليها كده ولا تتكلمي كده و أنتي مش فاهمة حاجة و متعشيش دور اللي ضبطت جوزها بيخونها أنتي عارفه أن الوضع اللي ينا مؤقت "
ترقرقت الدموع في عينيها ونزلت كخيط لؤلؤي علي وجنتيها و قالت بصوت قوي جوهري كأنه صادر من داخلها:
"أنا مش عايزة أفهم حاجة أنا شفته واحدة متجوزة في حضنك و العصر و هنا و كان ممكن أي حد غيري يشوفك غيري تقدر تقولي موقفي أنا أيه بلاش أنت أنا اللي جوزي سايبني بعد ساعات من كتب الكتاب و رايح يطبطب و يحب في واحدة ثانية .."
استردت أنفاسها ثم أكملت :
"و عارفه أن الوضع ده ها ينتهي بس لحد ما ينتهي أنا مرآتك قدامهم كلهم و مش ها أقبل تصغرني أكثر من كده عشان كده بقولك أني مش أختك اللي ها تهرج معك و تفرحلك و أنت راجع مبسوط من حضن واحدة ثانية .. أنا مش أختك "
كان ينظر إليها دون أن يتحدث و هي لم تعطيه فرصة لأن يتحدث لأنها استدرت صاعدة و هي تهمس قائلة:
" و علي فكرة اللي عملته ده غير أنه حرام فا هو خيانة و خيانة مقرفة أوي .."
قذفت تلك الجملة و صعدت تركض علي الدرج بينما ظل هو مكانه لم يتحرك...



يـتـبـع ...

هناك تعليقان (2):