الأحد، 25 أغسطس 2013

"حـذاري من الحــب" نوفيلا 8












كان أسبوع من السعادة كان يحادثها يومياً قليلاً لكنه كان يترك لها فرصة المذاكرة لكنها سعيدة به كثيراً كان يأخذها من المنزل إلي الجامعة إذا أرددت أن تذهب و يبتع لها الروايات والكتب و الحلوى لكنها كانت تريده محادثته لفترة أطول لكنه يغلق الكلام سريعاً لتدرس ..
و اليوم هي في جامعتها تنظره أن يأتي تريد رؤيته بشوق غريب عليها و أخيراً ظهرت سيارته فاستأذنت صديقتها و ذهبت له لكن تراجعت للخلف عندما رأت وجه الغاضب المحمر من كثرة الغضب تراجعت فتقدم منها و همس في آذنها بغضب :
"تعالي معايا"
لم تعرف ماذا لكنها تملكت نفسها و ذهبت معه إلي السيارة دلفت دخلها وهو الآخر و أنطلق يجري به حتى وقف في مكان منعزل نوعاً ما علي الشاطئ و نزل من السيارة أشعل لفافة  تبغ و راح ينفث دخانها بعصيبة ابتلعت نهلة أنفاسها و نزلت من السيارة وقفت خلفه متسائلة بهدوء وهمس :
" مالك"
قذف اللفافة من يده ودهس بقدمه و استدار لها قائلاً :
"أنتي مش عارفه "
همست بخوف:
"لا"
صرخ بها :
" كم مرة أسألك عن أهلك تقولي مسافرين من زمان يشتغلوا هناك صح"
لم ترد نظرت له و ترقرقت الدموع في عينيها فأردف بعصيبة :
" صح ولا لا أنطقي"
نزلت الدموع من عينيها فأكمل حديثه:
" و هم مسافرين من شهر و كأم يوم يشتغلوا في شركة صاحب عمك صح و كنتي ساكنة في شارع شاهين قريب من أبو العباس صح .. و نازلة خالي أقنع بابا كثير و هم وافقوا علي طول من غير ما يسألوا و فاكرني مش ها أعرف "
أخذ نفسه ثم أردف بصوت غاضب عالي:
"عبيط أنا صح ممكن تستغفليني .. ردي عليا"
لكنها أخشي عليها و سقطت أرضاً فركض عليها حمل رأسها لأعلي ثم حملها هي و أدخلها سيارته وهو يبعد الناس أخرج من السيارة محقن و أدخله في وريدها و بعد دقائق طويلة أفاقت بهدوء و أمسكت رأسها فتحت عينيها بطئ فوجدت علبة عصير أمامها و صوت جوهري غضب مكتوم:
"أشربي دي"
أخذتها هدوء وراحت تبكي في صمت و هو ينظر لها ثم قال لها هدوء:
" بطلي عياط ها تتعبي ثاني "
لم ترد بل استمرت بالبكاء فصرخ بها:
"أسكتي قولك"
شهقت و كتمت دموعها فأردف هو :
" من الآخر أنتي غلطانة و حطتني في موقف زفت مع أهلي و مش ها ينفع أرجع أبداً "
حاولت التحدث دون بكاء لكنها فشلت ثم قالت صوت باكي :
"عمرو أنا ماليش ذنب في .."
قاطعها بحزم:
" مش عايز مبررات .. أنتي حطتني في الموقف ده ولازم تقبلي شروطي عشان الموقف يعدي"
عادت الكلمة باستغراب:
" موقف"
"طبعا أنا عائلتي كبيرة وماما عزمهم و جايين من السفر وصعب أقولهم ما فيش عروسة و خصوصاً عمي اللي جاي كمان كأم أسبوع"
بكت في صمت لكنه لم يتأثر و أردف بعصيبة:
" ده غير ماما اللي مش ها تستحمل الخبر ده و كل ده بسببك أنتي و أهلك اللي غلطتي أني مش سألت عنهم ولا عنك"
هتفت به ببكاء:
" اللي أنت عايزه ها أعمله عشان أخلصك من المشكلة اللي حطتك فيها"
" ها تسافري معايا بعد امتحاناتك و نعقد هناك مع مدام ليلي طبعاً زي ما ماما كانت قايلة "
هزت رأسها فأردف بثقة و حزم :
"بس في تغير .. عندي شرطين يا نهلة و ها توافقي عليهم "
نظرت لها بحيرة و خوف لكنها مخطئة لم تصارحه بالحقيقة لكن كيف تقول له حقيقة كهذه نزلت دموعها بصمت و رفعت رأسها له:
" أيه هما ؟"
نظر لها و أخذ نفساً عميقاً :
" نكتب الكتاب هناك في بلدنا "
قالت باستنكار باكي :
" نكتب الكتاب!!"
" آه نكتب الكتاب هناك بعد ما تخلصي امتحاناتك ده أول شرط .. الثاني بقي تنسي موضوع الخطوبة والجواز و كل الحاجات دي أحنا ها نكتب الكتاب إنقاذ موقف وبعدين كل واحد يسيب الثاني  "
"يعني بدل ما نسيب بعض و أحنا مخطوبين لا نتجوز و أبقي مطلقة عشان تنقذ موقف !"
ضغطت علي أسنانه قائلاً بغضب:
" كل حاجة لازم تمشي زى ما كانت مترتبة أنا مش ها أحرق قلب أمي عشان واحدة كاذبة "
نزلت دموعها علي وجنتيه و أغمض عينيها تبتلع الكلمة ثم أخذت نفساً عميق و قالت :
"أنا مش كاذبة أنا .."
قاطعها بغضب:
" قولتلك مش عايز أسمع مبررات و أنتي مضطرة تقبلي شروطي عشان أنا أنتي اللي حططتني في الموقف ده بكذبك و عشان أهلي مش ها يسكتوا لو عرفوا أنتي أصلاً مش قدامك غير أنك توافقي "
صمت للحظات ثم قالت متسائلة :
" بس كده ها أبقي مطلقة "
" ها تبقي مطلقة آه لكن آنسة زى ما أنتي و ده أحسن ما العائلة كلها تعرف و تحطي مدام ليلي في موقف محرجك وأهلك كمان "
ابتلعت أنفاسها وصمتت وهي تشير برأسها بالموافقة فأردف و كأنه متوقع إجابتها :
" بناء عليه أنسي الكلام و الخروج و كل حاجة بس حقوقك يا بنت الناس كلها ها تأخذيها س أنسي كل حاجة بعدها "
لم تجيب بل ظلت تبكي بصمت شديد و تكتم آهاتها داخلها ينما أنطلق هو بسيارته دون أن ينظر لها ..
أوقف السيارة أمام بنايتها فترجلت منها و ركضت إلي الدرج حتى اختفت ثم جلست تبكي علي أحد الدرجات لدقائق طويلة لم تحسبها حتى هدئت قليلاً حاولت محو آثار البكاء و هي تصعد وصلت إلي الشقة و دلفت قبل أن تشعر ليلي بها ...
********
دلف إلي شقته وهو ينفخ دخان لفلفته بعصيبة خرج إلي الشرفة ليجد شريف جالساً علي أحد المقاعد يقراء ملف ما أنزله بمجرد أن دخل متسائلاً :
" مالك يا عمرو "
" ها يكون أيه بس "
نهض شريف من مقعده و اتجه إليه :
" خلاص يا عمرو أنت مش وصلت لحل ريحك غير أن الموضوع مش مستاهل"
" تكذب عليا و تقولي مش مستاهل "
" خلاص يا عمرو بقي كانت ها تقولك أيه يعني موقفها وحش "
"أنا مش طايق الحكاية كلها بس ما باليد حيلة "
صمت شريف حتى يهدأ عمرو من غضبه و ثورته تلك فهو الوحيد الذي يعرف أن عمرو في غضبه يكون كالوحش لا يوقفه أحد ...
********
لا تعرف كم يوماً مر علي ذلك اليوم الذي انتهي فيه سعادته بسبها ليتها لم تكذب أو تتعرف إليه من البداية أنها ضحية نفسها ليست ضحيته هي التي كذبت و عاشت في عالم ليس عالمها و الأيام تمر فيه بطئ بين الامتحانات و المذاكرة تكاد تخنق منها و من شروط عمرو التي وافقت عليها مضطرة لكي لا تضع نفسها أو ليلي في موفق محرج يكفي أنها استقبلتها في بيتها لكنها تخشي من حمل لقب مطلقة ليس لاشيء سوي كونها آتت فقط لتصلح موقف لا تستطيع الرفض و مرغمة هي علي القبول ليس فقط بشروطه بل بطلاته أن لا تتأخر في الخارج و تذهب فقط للجامعة و هي تفعل دون أن تعترض أليس خطأها ، نزلت دمع ساخنة من مقلتيها سرعان ما مسحتها حين شعرت بدخول ليلي نظر للباب فوجدت ليلي تقول:
" أيه قاعدة لوحدك و مش معنا ليه "
التفت لكتابها قائلة:
"مادة بعد بكرة صعبة ومحتاجة تركيزي و مذاكرة"
ابتسمت واقتربت منها ترطب علي كتفيها :
"ربنا معاكي يا حبيبتي "
ابتسمت نهلة و استدارت ليلي عائدة لكنها استدارت تسألها :
"نهلة أنتي واثقة من موضوع موفقتك علي كتب الكتاب بدري كده "
تنهدت و نظرت للكتاب :
"آه عمرو أهله مش معترفين بالخطوبة و ده ها يسهل لينا التعارف و كده"
" طيب يا حبيبتي ربنا يسعدك"
قالتها و خرجت تجلس مع نادية و دعاء بينما أغلقت نهلة الكتاب و بكت بصمت علي حالها ...
*********
لم تعرف كيف إجابة ولا ماذا كانت الأسئلة أنها في دنيا غير التي تعيشها الآن أنها اشتاقت لحياتها وحيدة مع الروايات علي الأقل لم تبكي و تحزن هكذا من قبل أنها تعيش الأسوء ، تنهدت بحزن تنهيدة ذابت معها كل شيء حتى هي ترجلت من الأتوبيس إلي البانية فوجدت سيارة عمرو أمامها صعدت الدرج تأخر قدم و تقدم الأخرى كانت خائفة لكنها شجعت نفسها ودخلت المنزل عندما لمحته دق قلبها بعنف حاولت أخرسه لم يستمع لها تقدمت منهما ألقت التحية علي خالها و ليلي وعليه فأجابها بفتور شديد ينما ابتسمت ليلي:
"عمرو كان بيتفق علي ميعاد كتب الكتاب بما انهارده أخر يوم امتحاناتك "
و أضاف خالها :
" واتفقنا علي الخميس الجاي يعني قدامنا أسبوع"
أشارت برأسها بالموافقة وصمتت فنهض عمرو يصافحهم :
" تمام حضرتك كلنا ها نسافر الثلاثاء الظهر عشان نرتاح يوم ونكتب الثاني "
ابتسمت له مهنئه:
"مبروك يا دكتور"
"الله يبارك فيكي يا مدام ليلي .. آسف يا جماعة بس عندي مستشفي لازم أمشي "
نهض علي خال نهلة و التقط يد عمرو:
"ربنا معك يا دكتور .. شرفت ونورت "
"الشرف ليا .. مع السلامة"
" مع ألف سلامة"
مر عمرو جانبها و كأنه لم يرها فنظرت لهما و دلفت غرفتها كعادتها تبكي ..
************
أنقلب القصر رأساً علي عقب مجرد أن أنهي عمرو مكالماته لوالدته و أخبرها موعد قدومها و خبر كتب الكتاب فنهضت تأمر كل من في المنزل الذي يشبه قصور السينما أن يجعلوه كما الجديد تماماً أن سعادتها بزواج نجلها الوحيد من زوجها و حبيبها رحمه الله لا توصف أبداً ملئت البلدة كلها بالزينة و الأفراح و آتت أفخم الأشياء و أكثرهم أناقة كانت سعيدة بدرجة لا توصف ووزعت سعادتها علي الجميع ..
تنهدت بسعادة و نزلت إلي ردهة القصر صائحة بهدوء:
"حنان بنت يا حنان"
جاءت شابة صغيرة تركض إليها :
" نعم يا ست الحاجة"
"اشتريتي كل اللي قولتلك عليه"
" أيوه طبعا وبزيادة كمان .. هو سي الدكتور عمرو ها يجي أمتي مع عروسته"
" يوم الأربعاء يا بت "
أطلقت الزغاريد و قالت بسعادة حقيقة:
" ربنا يجيبهم بالسلامة يأرب"
أمنت والدته قائلة:
"يأرب"
و التفت تتطلع إلي صورة أبيه الموضوعة في لوحة كبيرة في منتصف البهو تطلعت إليه بتركيز وحب كأنها تحدثه ...
****
ارتدت فستان طويل كما طلب منها و وضعت حجابها البسيط و أخرجت حقيبتها بصعوبة من الغرفة و وجدته يقف أمام باب الشقة مبتسم يضحك مع ليلي كانت حلته سوداء أنيق و نظارته التي تزيده وسامة غير طبيعة و عادت قلبها للدق لكنه حين لمحها أفكرت أنيابه و اتجه إليه يحمل الحقيبة فقالت له بهمس:
"أزيك يا دكتور  "
أجابها باقتضاب و هو يبتعد :
"كويس"
ضبطت نفسها قوة كي لا تبكي و سارت خلفه حتى الشارع اتجهت تركب سيارة خالها فصممت ليلي أن تركب مع عمرو و هي تركب مع خالها ، ما جرحها هو عدم مبالاة عمرو لكنها تمالكت نفسها وركبت معه و طوال الطريق لم ينبث بحرف أو حتى ينظر لها و عندما أوقف السيارة ترجل ليشتري شيئاً يأكله أحضر لها معه لكنه لم يسألها ماذا تفضل لذلك لم تأكل و هو لم يصر و من كثرة إرهاقها الذهني ذهبت في النوم ..
نظر لها عمرو ثم أغلق نوافذ السيارة و التكيف كانت كالهرة البريئة الناعمة لكنها كاذبة و حيت تذكر شعر بغضب هائلة كاد أن يضربها لكنه تمالك غصبه و أكمل طريقه دون أن ينظر لها ..
فتحت عينيها علي أصوات سيارات و أناس حركت يدها فوجدت شيئاً فوقها و حين فتحت عينيها وجدت سترة عمرو كانت رائحته قد التصقت بها كم كانت منعشة وجذابة لها و قبل أن تشرد فيها ألقت نظر عليه لتجده يبتسم بسخرية فأعادت السترة له و سألته بحرج:
"أحنا فين"
"أحنا علي أول العزبة"
أخذت نفساً عميقاً كي لا تبكي علي معاملته لها و تذكر نفسها بأنها هي من أقحمت نفسها في هذا .. نظرت أمامها لتجد مساحات شاسعة من الأراضي الخضراء كان منظرها خلاب أنيق و فجأة وقفت السيارة و وجدت عمرو يترجل منها و يحتضن فتاة جميلة و يقف يتحدث معها ويبتسم تملكت نفسها بما تبقي لها من قوة و نظرت إلي الأسفل محاولة التفكير في أي شيء آخر و فجأة سمعت صوت البنت :
"أهلاً يا عروسة ..ممكن تنزلي و ترجعي وراء بس"
رفعت رأسها للفتاة التي تتكلم وهي تقف بجانب عمرو في سعادة ثم نظرت إلي عمرو الذي قال بملل و هو يفتح باب السيارة:
" ما تنزلي يا نهلة ترجعي وراء "



يـتـبـع ... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق