سمعت صوتاً قادماً من بعيد لم
تتضح ماهيته أو حديثه شيئاً فشيء بد واضحاً يقول :
" ست نهلة .. صحي
النوم "
وضعت نهلة أناملها علي رأسها
محاولة لفتح عينيها لتري الذي يتكلم ومرة آخري عاد الصوت :
" كل ده نوم يا ست نهلة ..
أصحي و فوقي كده "
فتح عينيها بصعوبة لتري حنان
بابتسامتها الكبيرة المشجعة نهضت و جلست نصف جلسة قائلة بصوت يغلب عليه الكسل:
" صباح الخير يا حنان
"
ضحكت حنان قائلة:
" صبح أيه يا ست نهلة أحنا
داخلين علي المغرب "
"ياه .. أنا نمت كل ده
"
" نوم الصحة يأرب"
أزاحت الأغطية و نزلت من الفراش
متسائلة:
" ليه سبتني نايمة و مش
صحتني "
" والله حاولت مرة جيت
الثانية الدكتور عمرو قال سيبها"
تنهدت بضيق من سوء معاملته الذي
سيلاحظه الجميع إذا استمر عليه لكنها قررت محادثته علي الأقل يحسن معاملتها أمامها
إلي ينتهي هذا الدور السخيف التي تقوم به، وضعت يدها علي كتف حنان قائلة:
"أنا ها أدخل أخد حمام و
أغير و أطلع أرتب حاجاتي و أنزل علي طول"
"أدخلي خدي الحمام أنتي يا
ست نهلة و أنا ها أرتب لحضرتك كل حاجة "
"رنا يخليكي يا حنان بس
بلاش ست نهلة كفاية نهلة بس"
" يا خبر مش ها أقدر طيب
أقولك آنسة"
ابتسمت لها:
" حلوة آنسة"
ابتسمت حنان ينما اتجهت نهلة و
أخرجت من حقيبتها بنطال جينز أبيض و تيشرت قطني وردي دون أكمام و ستره يضاء قطنية
قصيرة و دلفت إلي الحمام ..
بعد دقائق خرجت و شعرها الحالكة
المبلل مسترسل علي كتفيها في نعومة و وجنتيها وردتين و شفتيه كحبة الفراولة
الطازجة فقالت حنان:
" بسم الله ما شاء الله
قمر يا آنسة نهلة والله"
ابتسمت لها و هي تمشط شعرها:
" الله يخليكي "
مشطته جيداً و اتجهت إلي
الخزانة التي رتبتها حنان أخرجت حجابها الوردي البسيط و اتجهت للمرآة ترتاديه و
ألتفت تردي حذائها المطاط و استدارت لحنان التي أنهت ترتيب الفراش قائلة:
" يالا ننزل"
خرجت نهلة وتابعتها حنان بعد أن
أغلقت باب الغرفة ،كان المنزل هادئاً سكاناً نزلت الدرج إلي البهو الذي لم يكن
بداخله أحد فسألت :
" أمال الناس فين"
" الست ليلي والست شمس
ناموا من بعد الغذاء و سي الأستاذ علي راح يتمشي مع عم الدكتور"
وقفت نهلة أمام الدرج لا تعرف
أين تجلس فأشارت لها حنان:
" الأكل علي السفرة في
الأوضة اللي هناك "
اتجهت إلي الغرفة التي تقع في
الجهة اليميني من البيت كانت طاولة الطعام كبيرة أنيق تتوسط الغرفة و تأخذ طولها
بينما توجد نوافذ علي الجانب اليمين اتجهت نهلة لتجلس علي رأس الطاولة أمام الطعام
قد كانت جائعة هي لم تأكل منذ يوم ونصف ، شرعت تأكل بنهم حتى سمعت أصوت ضحك عالية
فسألت حنان التي تقف جانبها:
" أيه الصوت الضحك ده يا
حنان"
نظرت حنان إلي النافذة ثم
ابتلعت أنفاسها و قالت بتردد:
"ده الدكتور عمرو"
رعت نهلة أحدي حاجبيها قائلة
بدهشة:
" بيضحك لوحده كده بعدين
هو مش نايم"
ابتلعت أنفاسها ثم همست:
" لا مش نايم"
نظرت لها نهلة بنفاذ صبر:
"أمال فين و أيه الصوت
ده؟!!"
أشاحت حنان بوجهها عن نهلة
قائلة صوت منخفض:
"أصل الدكتور عمرو متعود ينزل
المياه بعد المغرب هو و الست منال "
تركت نهلة المعلقة تسقط في
الطبق محدثة صوت رنة عالية ...
ابتلعت أنفاسها و استدارت إلي
حنان بطيء نظرت لها فترة ثم استمعت إلي صوت الضحك الذي يعلو شيئاً فشيئاً أغمضت
عينيها قوة و سد آذنها الهواء متخيلة أنه سيغطي علي أصواتهم لكنه لم يفعل فهمست
لحنان متسائلة :
" يعني أيه متعود ينزل هو
و منال !! "
أشاحت حنان بنظرها بعيداً و
صمتت فكررت نهلة سؤالها قوة:
" ما قولي يعني أيه
متعودين ينزلوا مع بعض .. فهميني يا حنان أحسن أنا دماغي ها تشت !"
همست حنان بصوت منخفض جداً تكاد
تسمعه نهلة:
" أهدي يا آنسة نهلة و أنا
راح أقولك بس والنبي الست الكبيرة متعرفش حاجة "
أجابتها نهلة بنفاذ صبر:
"لا الست الكبيرة و لا
الست الصغيرة ولا الغفير اللي بره ها يعرف قولي بقي"
اقتربت منها و همست:
"أصل الدكتور عمرو و هو
.."
قاطعتها نهلة :
" هو والست منال متعودين
ينزلوا سوا عارفه و مش ودي اللي بسأل عليها .. أنا عايزه أعرف مين منال دي و أزاي
متعودين و أحنا في الصعيد كده مش ممكن حد من اللي شغالين هنا يشوفهم "
"الست منال دي بنت سي
الأستاذ يوسف أخو الست الكبيرة "
نظرت نهلة أمامها متسائلة :
"يعني منال بنت خال عمرو
.. أمال فين خاله بقي أنا لا أقبلته هنا و لا شفته معهم لما كانوا بيطلبوني "
" ما هو يديك طول العمر ده
مات من زمان حتى قبل ما أشتغل أنا هنا "
شردت لثوان ثم نظرت لحنان:
" و منال دي عندها كأم سنة
و أيه حكايتها مع عمرو .. قولي علي طول يا حنان بلاش تنقيط الكلام ده "
جلست حنان علي ركبتيه قبال نهلة
و شرعت تحكي بسعادة غريبة :
" خمس و عشرين سنة أكبر من
سي الدكتور ثلاثة سنين .. الست الكبيرة بقي لما أخوها مات جابت الست منال تتعقد
هنا عشان يعني مكنش عنده غيرها و مرآته أتجوزت بعد ما مات بكأم أسبوع "
قاطعتها نهلة مستفسرة :
" أنت عرفتي كل الحاجات دي
منين مين اللي حكهلك "
" خالتي يا آنسة نهلة ما
هي اللي كانت بتشتغل هنا قبلي"
ضحكت بسخرية حزينة :
" و بتورثوا الحكايات لبعض
"
صمتت لحظة ثم أردفت:
" كملي "
انطلقت حنان تكمل :
" من يوم ما جت و سي
الدكتور عمرو مهتم بها أكمنها حلوة و متعلمة بره كانت وقتها عندها 14 سنة و سي
الدكتور 17 و كانوا قريبين من بعض علي حد كلام خالتي لكن أنا بقي جيت بقي لما سي
الدكتور كان في ثانية "
استدارت نهلة لتكون قبالها
ووضعت أناملها علي كتفيها:
" أيوه خليني لما أنتي
جيتي .. أشجيني "
" لما جيت كانوا قرين أوي
لما كان سي الدكتور يرجع أجازة من الجامعة كل أسبوعين كان يعقد معها علي طول و كان
ساعات يأخذها و ينزلوا القاهرة و لا إسكندرية و كانت من عادتهم ينزلوا المياه مع
بعض بعد المغرب كده و يفضلوا لعد العشاء و ساعات أكثر"
" و الناس اللي شغالين هنا
لما يشوفهم عادي في الصعيد !"
" ما هو يا ست نهلة
الإسطبل و الحظائر بعد سور الفيلا و الزراع و الجناين من بره علي طريق العزبة
والبيت حوليا سور كبير يمنع حد يشوف اللي بيحصل جوه س الست الكبيرة كلمتهم قبل كده
س سي عمرو أبنها الوحيد و مش تقدر تزعله لما لاقيته أضايق سابتهم "
صاحت نهلة:
" ما شاء الله "
أحمرت وجنتيه من الغضب و جزت
علي أسنانها حتى كادت كسرهم ثم تذكرت شيء فأردفت لحنان:
" و أيه جوزها ده "
وضعت حنان أناملها علي جبتها :
" آه .. ما هو بعد ما خلص
سي عمرو جامعته هنا الست كبيرة صمتت يكمل حاجة كده بره و فعلاً سافر في سفره بقي
أتجوز سي شريف الست منال و شوية وهي كمان سفرت "
" سفرت لعمرو!"
" لا سفرت لبلدهم بلد الست
الكبيرة يعني اللي هي سوريا و بعد فترة رجعت ثاني و هو رجع"
صمتت نهلة تفكر ينما نهضت حنان
تحمل الأطباق من أهمها بينما شردت هي في العالم الجديد التي تكتشفه بانبهار رغم
صدماته القاسية لكنه رغمها مبهر شيئاً لم تعيشه من قبل لم تراه إلا في الأفلام لم
تعرفه إلا من خلال الروايات هل هو سبب بقاءها أم لسب آخر و لماذا سبب ربما أسباب
تجمعت لتصل بها إلي هنا ، نظرت حولها لتجد أنها وحيدة مازلت وحيدة رغم انتقالها من
منزلها إلي منزل ليلي إلي هنا و هي وحيدة لكنها اعتادت ذلك حتى أنها اقتنعت أنها
كائن وحيد لا يتكيف مع الآخرين لا يتكيف إلا مع نفسه فقط ..
تنهدت بسخونة مؤلمة ألمتها حد
إيذاء روحها و بدأ يعود صوت ضحكاتهم من جديد فنهضت مقتربة من النافذة أزاحت
الستائر الكبيرة فظهر المجري المائية الأزرق القاتم من تأثير دخول الليل و علي
طرفه الآخر يجلس عمرو شورط أزرق و تشيرت أبيض و جانه تجلس منال بلبس البحر العصري
"بكيني" و شعرها الأشقر منسدل كخيوط ذهبية في باطن الليل و ما يزيد
خنقها هو ضحكاتهم وهمساتهم التي تشبه همسات الطيور في ليل رطب ، ضربت بقبضتها الصغيرة النافذة و أعادت غلق الستائر و
اتجهت إلي البهو الفارغ و منه إلي باب البيت وضعت يدها علي المقبض مستجمعة شجاعتها
لتخرج لكنها لم تعثر علي شجاعة دخلها و شرعت تفكر ماذا لو أحرجها بمعاملته و
كلماته البغيضة معها أمام تلك التي تدعو منال ماذا لو لم يسعفها عقلها في الرد
عليه و ماذا إذا حدثت جلبة و أخبر الجميع بما عرف و توالت الأسئلة علي رأسها لكنها
نفضت رأسها بحدة و قررت الخروج و فعل أي شيء مهما كانت نتائجه ، أمسكت المقبض قوة
و أدرأته و قبل أن تفتح سمعت صوت خلفها:
" علي فين يا حبيبتي !
"
تركت المقبض و استدارت لتجد
والدته عمرو تقف في منتصف الدرج و خلفها سيدة تبدو في الثلاثينات من عمرها ابتلعت
نهلة أنفاسها و ابتسمت بلطف قائلة:
"أبداً يا طنط طالعة أشوف
التليفزيون اللي شغال بره !!"
نزلت السيدة من خلف شمس و
اقتربت من الركن اليمين للبهو مشيرة إلي التلفاز الكبيرة :
" ما هو يا ست البنات
التليفزيون و ما فيش غيره بره .. صحيح أنا سلوى بنت عم عمرو و أخت شريف "
اقتربت منها و التقطت يدها :
" أهلاً وسهلاً تشرفت
بمعرفتك .. نهلة خطيبة عمرو"
" عارفه كان نفسي أجيلك في
بيتك بس كنت مسافر مع جوزي بس أتبسطت لما عرفت أنك ها تقضي معنا الأجازة أصل ما
فيش حد هنا بيعقد معايا "
صمت برهة ثم أردفت خنق:
" حتى الست منال علي طول
بره ، تقولي أيه ليها اهتمامات أخري"
أكدت نهلة حديثها :
"آه ما هو باين "
اقتربت شمس منهما معاتبة سلوى:
" جري أيه سلوى هي البنت
لحقت تعقد معنا عشان تشجيها بكلامك "
أجابت نهلة:
" لا يا طنط هي مش محتاجة
عشان كل حاجة باينه يعني "
ضحكت سلوى لدعابة نهلة ينما لم
تفهم شمس فسألتها :
" تليفزيون أيه بقي اللي
طالعه تشوفي "
" لا أبداً خلاص هو العشاء
قرب و ها يطفي لوحده "
نظرت لها شمس بعدم فهم لكنها
جذبتها تجلس جانبها علي الأريكة أمام الشرفة المفتوحة و جلست أمامهما سلوى التي
اندفعت قائلة:
"إلا قوليلي بتدرسي أيه يا
نهلة"
"داخلة رابعة تجارة "
" أنا كمان خريجة تجارة
علي فكرة ، و الله أنا مرتحلك جداً"
" و أنا كمان"
قاطعتهما شمس:
" فين عمرو يا نهلة"
"الحقيقة يا طنط علمي علمك
أنا لسه كنت ها أسال عليه يعني من ساعة ما جيت مشفتهوش"
استغرقت شمس لسمع أصوات الضحكات
القادمة من بعيد و ربطت أفكارها عن عمرو فاتسعت عينيها و أجابت نهلة بسرعة:
" تلاقي بره بيتمشي أصل
بيحب مشي بالليل في الهواء أوي "
"لوحده يا طنط"
كانت تحاول سماع أي شيء لذلك لم
تركز علي حديث نهلة :
"ها"
" قول حضرك لوحده"
"آه أكيد .. أمال ها يكون
معه حد ما لازم لوحده"
صمتت نهلة شاردة أن طريقتها في
الرد اختلفت لماذا تأخذ الأشياء بتلك اللامبالاة و لماذا في هذا الوقت بالذات
لماذا فجأة قررت المحاربة هي تعلم جيداً في قراره نفسها إنها لم تحبه بعد نعم
متعلقة به نسبة كبيرة لكن نسبتها لا تكفي للمحاربة أم أنه الخوف من يكشفها وضعها
في صورة اللامبالاة تلك ! .
لم تعد تعرف شيء يخصها إن عقلها
مليء بأشياء كثيرة ، ألاف تدور في جمجمتها أشياء ليس علاقة ببعضها لا يربطهم شيء
سوي هي ! و هي لا تعرف من هي ؟ ، دائرة معقدة تدور داخلها مما أشعرها حاجتها إلي
طبيب نفسي ليعرف ما به و ماذا تريد و أين هي من هذا العالم الكبير ، أفاقت علي صوت
غلق الباب انتبهت و نظرت تجاهه فوجدت عمرو يدخل لم تستطع إزاحة نظرها عنه أنها
المرة الأول التي تراه بثياب عادية بدون حله كانت عضلات صدره واضح من التشيرت كان
عريض المنكبين كما تصف الروايات أبصالها و طويل القامة و وسيم بالعسل المنبعث من
عينيه و شعره الفوضوية الجذاب ، حاولت إبعاد نظرها عن تفاصيله حتى لا تري تلك
الابتسامة الساخرة علي ملامحه لكنها أطالت النظر لأنه لم يكن ينظر تجاهها أصلاً و
كأنها غير موجودة ي النهاية استطعت إبعاد نظرها عنه و النظر أمامها للفراغ ..
نظرت لها شمس ثم لعمرو الذي
تنفجر السعادة من وجهه مما زاد خنقها فسألته:
" كنت فين يا عمرو"
أجاب بنبرة بريئة للغاية :
" كنت بره علي البسين مع
منال"
وجدت نفسها تضحك بشدة و تردد في
عقلها " وبراءة الأطفال في عينيه" لطالما سمعت تلك الجملة لكنها لم
تفهمها إلا عندما أجاب عمرو ما كان يفعله و للحق كانت تشعر فعلاً ببراءة الأطفال
في عينيه .
نظرت لها كلاً من سلوى و شمس
بتعجب بينما نظر لها عمرو بخنق و كأنه يود خنقها لأنه يعلم أن ضحكاتها عليه لكن لا
يعلم السبب لذلك سألها بخنق:
" بتضحكي علي أيه أنتي
!"
توقفت عن الضحك و نهضت من
مكانها و كم شعرت بضآلتها أمامه لكنها رفعت نظرها إليه لبرهة ثم قالت:
"ما فيش "
ثم أردفت شمس :
" أنت ليه مش استنيت نهلة
عشان تفرجها علي العزبة و تفسحها فيها"
وضع يده في جيبه قائلاً :
" كانت نايمة و بعدين منال
كانت مستنايني عشان نخرج و ننزل المياه أسبها و أستني واحدة سابتني ونامت !!"
همت شمس بالرد لكن قاطعتها نهلة
:
"معلش يا طنط أصل منال
مجتش من اسكندرية لقنا بعربية لكن جت من سوريا لهنا بعربية رغم كده فضلت مستنياه "
رفع عمرو أحد حجابيها متسائلة:
" مين اللي قالك أنها من
سوريا و ليه تسألي عليها أصلاً ولا أنتي تحبي هي كمان تسأل عليكي !"
كانت نبرة السخرية واضحة في
حديثه لذلك بادلته بابتسامة ساخرة و ألتفت تنظر إلي الأشجار الظاهرة من الشرفة ،
بينما أردفت والدته :
"هي لا سألت ولا حاجة خلاص
يا عمرو و بعدين سيب منال لجوزها و أنت خد خطبتك خرجها"
استدار للدرج قائلاً :
"يوم ثاني عشان تعبت
.."
قالها وصعد إلي غرفته بينما ظلت
نهلة تنظر إلي الشرفة محاولة تفسير الإحساس الذي انتاب قلبها في أثناء حديثه ،
بينما ظلت شمس ونادية ينظران إلي بعضهما ...
***********
تطلعت إلي وجهها في المرآة كانت
تبدو جميلة رقيقة زينتها المختلطة بين السمني و الأزرق الفاتح حتى ثوبها الأصفر
الهادئ أو كما أطلقت عليه سلوى السمني الذي اختارته بعناية كان يناسب بشرتها
البيضاء ، كان ثوب طويل بكأم به فتحة صغيرة تسمح لرقبتها بالظهور منقوش في الوسط
بورود زرقاء رقيقة موضحاً رشاقتها و حجاباً بسيطً جداً من لون و قماش الثوب و زينة
رقيقة مظهرة ملامحها الرقيقة الجميلة مشعلة حبتين البندق في عينيها كانت تراه
نفسها جميلة سعيدة بمظهرها هكذا و لوهلة نست أن عقد قرانها يتم علي أساس أتفاق
لكنها تذكرت عدم وجود عمرو طوال اليوم لم يتسن لها محادثته و كأنه يهرب من كل هذا
بالنسيان مع بالطبع
مع منال المختفية هي أيضا كادت
تبكي لكنها تماسكت كي لا تشعر سلوى بشيء التي أتحفتها بكلمات الغزل تنهدت برقة و
قاطعت سلوى متسائلة:
"تعرفي أوضة عمرو
فين"
ابتسمت سلوى ثم غمزت لها :
" الدور الثاني أخر أوضة
في الدور .. عايزه تنزليله ولا أيه ؟"
استدارت لها ثم قالت بضيق:
" بصراحة آه طول اليوم
مشفتهوش و محتاجة أتكلم معه في حاجة مهمة قبل كتب الكتاب"
" خلاص أنزلي الدور مش فيه
غير أن كلهم مشغولين"
نهضت من مقعدها أمام المرآة
قبلت سماح و خرجوا سوياً من الغرفة أشارت لها سماح علي غرفة عمرو في الطابق الثاني
و أكملت هي نزولها إلي البهو بينما اتجهت نهلة بخطوات مرتعشة إليه خيل لها أن
الرواق يطول و الغرفة تبتعد لكنها في النهاية وصلت وقفت أمام الغرفة و طرقت الباب
بخوف طرقة صغيرة هامسة سمعت خطوات تتجه إلي الباب ثم أطل عمرو عليها نظر لها و
بانت في مقلة عينيه إعجاباً برقتها واحتشامها و اعتراف داخلياً أنها تملك جمالاً
رقيقاً محبباً لكنه تعج مجيئها فسألها:
"أيه اللي جابك هنا"
ابتلعت أنفاسها و همست :
" عايزة أتكلم معك قبل كتب
الكتاب "
إزاحة لها فدخلت بخفة اتجه إليه
دون أن يغلق الباب :
"عرفتي أوضتي منين"
رفعت رأسها إليه و صدمت بوسامته
كان يرتدي حلة بنية و قميصاً و رباطة عنق نفس لون ثوبها كان مختلفاً عن كل يوم
رأته فيه لكنها تماسكت و همست :
"سلوى قالتلي "
"طيب أتكلمي !"
"عمرو أنا ها كتب كتابي
عليك دلوقتي و أنت بتعاملني أسوء معاملة و طول النهار و الليل مع منال و أغلبيتهم
لاحظوا و شكلي وحش .."
قاطعها حدة خفيف:
" كله إلا منال ، منال دي
أقرب واحدة ليا في الدنيا و كتب الكتاب ده عشان تصليح موقف ومش ها يستمر كثير و
أنتي السب في الموقف ده "
حاولت إلا تبكي و أمسكت نفسها
جيداً و سألته:
" كل ده عشان بيتنا و أهلي
!"
"دول شوية صح ؟؟ .. طيب لو
سببنا الكذب علي جنب و مسكنا في أهلك و قولت اللي عرفته لأهلي هنا موقفك ها يبقي
أوحش من دلوقتي بكثير أوي .. يبقي تسكتي ونعدي الموقف بخسائر قليلة ليكي لوحدك و
لا بسببك أنا أخسر و عائلتي و ليلي و خالك اللي هم أنظف ما في عائلتكم أصلاً
!!"
تجمعت الدموع في عينيه لكنها
أبات أن تنزل وصمتت معلنة استسلامها ينما هتف هو :
" ها تخسري قليلة بسبب
كذبتك ولا نخسر كلنا معاكي عشان تبقي كاذبة و أنانية مش بتحبي إلا نفسك "
أغمضت عينيه وصرخت به ببكاء:
"خلاص يا عمرو فهمت أنا
كنت بس بحاول نرجع زى الأول في المعاملة مع بعض مش أكثر "
" حتى دي متستحقيهش "
صرخت بكاء:
"ليه بتعاملني كده .. جاهز
غلط لكن من فينا معصوم أنا عندي إحساس و مشاعر و قلب "
نظر لها باستخفاف ثم تسأل :
"ماله قلبك؟"
قاطعهم رنين هاتف عمرو" قلبي ميشبهنيش فعلاً
ميشبهنيش أوقات بيعرفني و ساعات ميعرفنيش .. و
أقوله يا قلبي مالك يقولي ما فيش ! .. في الحب و الإحساس و في أختيار الناس
بيمشي علي كيفه .."
يـتـبع ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق