الوقوع في وســيم
مرحباً يا صديقتي العزيزة .
و أقول صديقتي لأنك بالفعل كذلك
فأنتي قريبة من سني و من بلدتي و أجد فيكِ ما أتمني في الصديقة و أكثر ما يسعدني
هو طريقة التواصل بينا و هي الكتابة ، ويجب أن تعلمي أن حكايتي طريفة ولكنها معقدة
ليست فيها شجن أو حزن أو قسوة بل فيها ابتسامات و فكاهات لكن بلذة الحنين أنها
تشبه الموسيقي التي تدغدغ فوائدك بالحنين إلي الماضي جميلة لكن حنينها برائحة
الحزن و هذا للعلم فقط ..
أنا يا آنستي في الثانية
والعشرين من عمري حصلت علي بكالوريوس التجارة و وضعته جانباً و تقدمت للعمل بأحدي
الإذاعات و كالعادة رفضت لأني بدون واسطة أو خبرة و موهبتي في طور النمو و لم أفقد
الأمل و اتجهت إلي العمل براديو علي الإنترنت كنت أعد و أكتب لنفسي و اكتسبت معرفة
لا بأس بها منه ، حتى سنحت لي الفرصة و عملت في مبني الإذاعة بناء علي توصي من
صحفي يشجع المواهب الجديدة و أصبحت أعد البرنامج كما كنت أفعل و زادت فقاراتي
باستضافة ضيوف من مختلف المجالات ..
آه بالمناسبة أنا من أسرة
متوسطة لدينا كل ما يحتاجه الإنسان و أكثر و لكن والدي لم ينال قدر عالي من
التعليم ولكنهم و الحمد لله متعلمين إلي حد معقول و إذا جلست معهم لا تلاحظ هذا
أبداً فهما مهتمين بالأخبار و الثقافة كثيراً و أنا لستٌ حزينة لذلك بل فخورة بهم
جداً لأنهم يشغلن وظائف محترمة و مرموقة فوالدتي رئيس قسم الحسابات في أحدي البنوك
و والدي مدير مصنع كبير و الحمد لله .
نعود إلي مشكلتي التي بدأت
عندما جاءت مقابلتي في برنامج مع أحد الممثلين الصاعدين ، لم يكن المشاهير بدرجة
كبيرة لكنه معروف في كل مكان خاصة بعد مسلسله الرائع الأخير ، لقد سعدت بمقابلته و
حين جاء وجلست أمامه شعرت بهالة من الوسامة والرجولة .
لا تقولي أني تافهة لأني أتحدث
عن وسامته فهذا دون إرادتي فهو وسيم تلك الوسامة الهادئة الصاخبة فعينيه سوداتين
كلؤلؤة سوداء براقة لامعه بلمعة غريبة تأخذك إليها و بشرتها كبشرة الأطفال بيضاء
ناعمة صافية و كل شيء في ملامحه مرسومً بدقة شديداً جعلتني أرتبك بشدة ، أما
رجولته فكانت حوله في هالة تثيركِ و صوته خفيض مهذب لأقصي درجة و رأيت أنه علي خلق
كما يقال عنه فعلاً .
و في أثناء حديثي معه كنت أساله
أسئلة كثيرة خارج نطاق الأعداد كنت أريد أن أعرف عنه الكثير خلال الحلقة ، و انتهت
الحلقة و شكرته كثيراً و خرجت من مبني الإذاعة وجدته يهم بركوب سيارته فعرض أن
يوصلني في البداية رفض بشدة و لكن بعد محاولات أقنعني أنه يمكنه أن يسير معي إلي
بيتي حتى يصلني و لم أستطع الرفض ، و سيرته أتحدث معه طوال الطريق و كان حديثه
جميل إلي أقصي درجة ، ووصلت منزلي و أنا في قمة سعادتي ربما تكون المرة الأخيرة
التي أقابله فيها لكنها كانت تكفي .
و يشاء الله "سبحانه
وتعالي " أنا تنتج الإذاعة مسلسل إذاعي رعب و رشحته هو كبطل أول و يشاء قدري
أن تكون نبرة صوتي مميزة و حلوة و أستطع التمثيل و أحبه و لأنه صعب التمثيل في
السينما فكان التمثيل الإذاعي في غاية اليسير و بدأنا التدريب والتقارب من بعضنا
البعض و عند انتهاء المسلسل كان كلاناً يعلم بحبه للثاني .
أتتخيلن هذا أنا واقع في حب
وسيم مشهور ، لم أكن أتخيل هذا يوماً و لكنه حدث ، وبرغم ذلك كانت أخلاقه عالية
فطلب أن يتقدم لوالدي و هنا تكمن مشكلتي الكبيرة ..
والداه رغم شدة احترمهم لكنهم
من مستوي رفيع جداً و لن يقبل طبقتي المتوسطة ، هو حاول معهم و لكن في رأيهم أن
زواجنا لن ينجح هكذا لأنه في العرس كيف أن أحضر عائلتي العادية وهو يدعو أصدقائه
الممثلين المشهورين و هما يدعون كبار الدولة هل رأيتِ شيء يضحك أكثر من هذا ؟ . و
لكني لم أصمت بل كان ردي عليهم هو أن مصر تعيش مرحلة يتساوي فيها الجميع و في يومً
ما عندما نقف أمام الله لن يفرق بين غفير و أمير و ذهبت فركض ورائي وقال لي أنه لن
يتخلي عني أبداً و وعدته بهذا أيضاً ..
هو مازال يحاول و أنا مازلت
أحاول ، و مازلت معه و أهتم لأمره و بكل شأن في حياته و قد قابل أبي و رحب به و في
انتظار إقناع أهله و وعدني إن لم يستطع أن يقنعهم في وقت قصيرة سيتزوجني و يكون
هذا أخر ما نستطيع فعله ..
سؤالي الآن ليكِ هل ليس من حق
بنات الطبقات الكادحة والمتوسطة الوقوع في حب شاب مشهور أو من الطبقة الرفيعة ؟
و في الختام أرسل إليكِ سلامي
الحارة ..
**************************
الرد علي كاتبة الرسالة :
صديقتي العزيزة يشرفني صداقتك و
ثقتك الغالية فيّ ، و أسال الله أن أكون في محل هذه الثقة الغالية ..
سؤالك هذا يضعنا أمام أحدي أهم
القضايا الاجتماعية في مصر و هي مشكلة الطبقات التي ما تزال توقع بين الكثير من
الأشياء ، أنا حقاً لا اعتراف بها مطلقاً ..
فمن الإنسان لا يقاس بمكانته
الذي لا يختارها و أنما يقاس بمدي أخلاقه و ثقافته و تصرفاته و طريقة تفكيره و
تعاملاته مع من حوله ،نحن لا نختار في أي منزل نولد ولا في أي طبقة نعيش ولا نختار
من يلدنا ..
لا أعرف إجابة أسئلتك في قاموس
المجتمع لكن في قاموس الإنسانية فمن أي فتاة مهما كانت طبقته الوقوع في حب رجل من
ذي طبقة أعلي لكن المجتمع وضع عادات و تقاليد وقوانين صارمة حمقاء تتعارض مع
الإنسانية بكافة أشكالها و تسيء لأناس لا ذنب لهم في حياتهم ..
إن والديه يريدون لأبنهم الزواج
من ابنة فلان الفلاني حتى تتكافئ دعاوي الزفاف يا له من منطق يدعو للسخرية !!
إذا أخبريهم أن لا يدعو أحد
أبداً و كفي أنتما معنا و انتهت الأزمة التي تشكل لهم عارض لزواجكما !
حقيقاً أتعجب من تفكير تلك
الشخصيات في الطبقات إلي حد الجنون ، من يختار أسرته و بيئته و طبقته لو كان عرض
علينا الأمر لاخترنا أن نعيش في مستوي هادئ معقول لكن الأمر ليس بيدنا ..
لكني سعيد بفخرك بأسرتك و طبقتك
هم يستحقون كل التقدير علي تربيتك بهذا الشكل ، تمسكِ بحبيبك إلي النهاية و لا
أعرف هل يصح أن أقول تزوجوا دون رضاهم أم لا لكن ما يملي عليه ضميري هو أن يكون
هذا أخر حل تملكونه كي لا تتعذبوا بألم الفرق لسبب يعلم الله وحده مدي تفاهته ..
وكإجابة أخيرة علي سؤال من وجهة
نظر الإنسانية و الدين من حق أي فتاة من الطبقة الكادحة أو المتوسطة الزواج بشاب
من ذو الطبقة الرفيعة العالية أما وجهة نظر المجتمع فيجيب إلا تنظر إلي أعلي و
أنتِ تعرفين
الإجابة الصحيحة الصادقة و تعلمينها
جيداً ..
و سلامي الكبير لكِ
**************************
ســـارة يحيي محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق