السبت، 27 يوليو 2013

" أقنعة الحب " كتاب إلكتروني علي حلقات5

الرضــــا





أكتب إليك و أنا في أشد حالات سعادتي و رضاي ، لا أطلب شيء سوي أن يستمع كل شخص إلي حكايتي علل يجد فيها العظة ..
أنا فتاة نشأت في أسرة ميسورة الحال من الجهة المادية وفقيرة جداً من الجهة العاطفية فأبي يعاملنا بالأمر بحكم دراسته وعمله العسكري و شقيقي الأكبر لا يأب إلا لنفسه و أمي لا تستطع الاعتراض مغلوبة علي أمرها و هكذا كانت حياتي ..
وصارتٌ هكذا حتى حصلت علي الثانوية العامة بمجموع أهلني لدخول كلية التجارة بالإسكندرية ولا تبتسمي و تقولي أني فاشلة لا أبداً أنا فخورة بكليتي كثيراً ، المهم وافق أبي علي السفر و الإقامة مع جدي هناك مع بعض التعليمات و موعد لوصلي إلي المنزل حتى لو كانت محاضرتي بعد ذلك وذهبت إلي هناك ، و بدئت حياة جديدة هادئة جميلة مع جدي الحنون الطيب الذي مليء كل فراغي العاطفي و أنهيت السنة الأولي و حاول أبي نقلي لكن جدي طلب منه أن أظل معه و وافق و ظلت معه ، وفي خلال السنة الثانية طلب من أبن أحدي أصدقائه توصلي بسيارته الصغيرة ليرحمني من عذاب الموصلات ، و كان ما كان فهو في سنته السادس من كلية الطب وسيم و باقترابي منه توسمت فيه الشهامة و الرجولة و أحببته بكل جوارحي وبارك أباه وجدي الحب و عاملتني والدته بمنتهي الحب و الحنان و قد عشت أجمل ثلاثة سنوات في حياتي ..
لكن حين أنهيت دراستي عدت إلي بيت أبي و انتظرت فارسي كي يأخذني علي حصانه الأبيض و جاء يطلبني من أبي لكنه رفض لضعف مستوى المادي  لأنه في بداية طريقه و عامله بجفاء و كأنه يطرده و تحطمت أمالي كلها ، وعشتٌ سنتين كاملتين أتعذب حتى بعد أن عملت في أحدي الشركات وانشغلت بعملي ..
و بعدها تقدم لخطبتي شاب مرموق غني و مثقف و أبي وافق دون حتى رأيي و لا أخفيكِ صارحته بكل شيء و قال أنه سيحاول أن ينسيني و لكنه لم يقدر حتى بعد أن كتب الكتاب و في يومها حاول أن يقترب مني يقبلني و لكنني ابتعدت و بكيت لأن قلبي ملكاً لغيره و كم كان راجلاً شهمً نبيلاً فقد قبلني علي رأسي و أختلق مشكلة أطاحت به أمام أسرتي و أسرته و طلقني و ظهر هو المخطئ ليجنبني عناء المشاكل مع أبي .
و لأول مرة تنجح أمي في أقناعة أبي بسفري إلي الإسكندرية لأنسي تجربتي الصادمة _من وجهة نظرها_ و سافرت إلي حيث تكمن روحي ..
لكن جدي أخبرني أنه تزوج و كم صدمت و لكنني اكتفيت بوجودي في مكان ولادة حبناً و أن علي يقين بأن الله أختار لي الأصلح ..
و بعد شهور هناك قضيتها بين عملي و جدي قابلته صدفة كان وحيداً هزيلاً و تحادثناً لساعات ليشكي لي عن تعاسته مع زوجته ابنة أحدي أستاذته التي تعيره دائما بعمله مع والدها رغم مهارته ولم أنبث بكلمة حتى لا أخرب بيته هدأته فقط و ذهبت ..
و بعد أيام جاءني يقول لي أنه طلق زوجته و يحمد لله أنها لم تنجب أطفالاً ليتعذبوا بينهم و طلب مني الزواج ، كان وسيماً كما قابلته أول مرة .
و وقفت و تزوجت و كان جدي هو وكيلي و أخبرت أسرتي بناء علي رغبة زوجي و طاح بعقل أبي و حاربنا بكل شيء منع عني أمي و شقيقي و أخبر والد زوجة زوجي السابقة بزواجنا ففصله عن عمله و قدم شكوى في عملي عن أنني أعامل العملاء بطريقة سيئة و أصبحت أنا و زوجي بلا عمل لفترة قاربت فيها أن تنفذ مدخراتنا.
لكن يشاء الله أن يعود إلي البانية التي يقطن فيها جدي جاره الذي هاجر من سنين طويل إلي الخارج ليستقر في مسكنه المتوسط كي يريح أعبائه وكان طبيباً و حين علم حكايتي أنا و زوجي قرر مساعدتنا ، فساعده زوجي في المسشفي الذي يملكه هنا و عمل معه ،و هو أيضا الذي تقدم لزوجي بالماجستير بعد أن رفضها أستاذه والد زوجته السابقة لما له من معارف و فعلاً بدء زوجي في تحضيرها و استمر في عمله و بمهارته أصبح له أسماً و قد عملت معه في قسم الحسابات و ادخرنا مبلغ كبير  و صارت لدينا شقة في منطقة جميلة و جدي أيضا نقلته إلي الشقة المجاورة لي و أفتتح زوجي عيادة و جدي الحبيب المكتبة الذي يريدها منذ زمن و استقرت حياتي تماماً بفضل الله ، وقد حاولت استمالة عطف والدي لكن بلا جدوى لكني سأظل أحاول ، ما أود قوله هو الصبر و التمسك بحبل الله و الحب مهما كانت درجة العاصفة فا يوماً ما ستهدأ و كختام لرسالتي أخبركِ أنني حامل في شهري الرابعة وفي انتظار وليد حبي ..
و ختاماً ليكِ سلامي وتحياتي ..
**************************

الرد علي كاتبة الرسالة :

سيدتي أنتِ اليوم تعلمينا منعي جديد عن الرضا و إن من صبر نال ما ابتغي ، و إن الله دوماً مع الصابرين الداعيين ..
و  العاصفة لابد لها يوماً و تهدأ ، لكنني أناشدك القول فأن تظلي تستعطفي والدك حتى لين فأنتي أخيراً ابنته و أم حفيده القادم في الطريق و سيسامحكِ يوماً ما ، لا قول أكثر مما قولتِ أنتِ غير أن الرضا و الصبر هم من مفاتيح الحياة ..
تحياتي ...

***************************

ســارة يحيي محمد




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق