الأربعاء، 24 يوليو 2013

" أقنعة الحب " كتاب إلكتروني علي حلقات 2

القصة الأولي 
الطريق المختصر





سيدتي لقد ترددت كثيراً في الكتابة إليكِ و لكنني في حاجة إلي البوح لأحد لا يعرفني ولا أعرفه و في النهاية قررت أن أكون ممن يكتبون إليكِ ...
أنا "م.م" في العشرين من عمري ، في السنة الثالثة في كلية الآداب ..
حكايتي بدأت منذ سنة كاملة حين فتحتٌ نافذتي وجدت أن الشقة التي أمامنا قد سكنت بعدما كانت فارغة طيلة سنوات عمري و أصبح لدي جيران ، كانت أسرة صغيرة من أب و أبن و شاب في مقتبل عمره ..
و لقد تعرفت بذلك الشاب من خلال حديث النافذة و ما أمتعه حديث ، وقد عرفت أنه طبيب حديث التخرج و انتقلوا إلي هنا بعد سفر دام خمسة عشر عاماً و نشأت علاقة بينا قوي علي أرض صلبة وهي الصداقة و لا أخفيكِ أنني لم أصادق أي شباب إلا هو .
و في أيام قليلة نشأت علاقة وطيدة بين الأسرتين و أصبحت أتعامل معه كشيء مهم في حياتي و كنتٌ له أهم ما في حياتي ، و أحببته حباً جمحاً و بادلني به عشقاً فياضاً و لم ينتظر و تقدم لخطبتي و وافق أبي مبدئياً و تم تأجيل أي شيء لحين انتهاء امتحانات السنة الثانية و لا أنكر بانشغالي بالمذاكرة تلك الفترة لكنه كان متفهم تماماً لكن الوضع اختلف تماماً بعد أن قابل "إ" جارتنا !!!
أنها سيدة عجوز شمطاء قد تعدت الخامسة والخمسين تقطن في بانيتي منذ أن خلقت ، كان لديها أبن واحد فقط و لكنه تركها من كثرة زيجاتها التي لا تنتهي فكل عدده أشهر تتزوج بشاب في رعيان شبابه ، لكن الجميع يتحاشى لسانها الغليظ بعد تجاهدوا في نصحها ولا لكنها لا تبالي ودائما سليطة اللسان في حديثها ..
من وقت مقابلتها و نحن لا نخرج إلي النافذة أبداً كلما خرجنا خرجت هي معنا تستمع لحديثنا و بات الوضع يضيق بينا فترة حتى انتهيت امتحاناتي و كنت ٌ متلهفة لإتمام الخطبة ولكنها تأجلت للمرة الثانية لأنتدبه في مسشفي بمصر مطروح لمدة شهر ، قلت فيه مكالمتنا وحديثنا و كنتٌ أطمئن نفسي بأنه يعمل و يجيب إلا أشغله ..
لكن شاء القدر أن تسافر أحدي صديقاتي إلي هناك في عطلة دامت أسبوع وحين عادت جاءت منزلي و جلست تحكي لي و أنا أشعر في طيات حديثها بما تخفيه عني فحثتها علي الحديث ، و أخبرتني أنها رأته هناك مع جارتنا الشمطاء كانت تطارده لكن في أخر يوم لها هناك رأته معها في أحد المقاهي جالسين يتحدثون ،و للحق لم أصدقها و أخبرتها أنه أقوى من أن يستسلم لتلك الشمطاء و لكن بعد أيام من عودة جارتي صعدت إلينا لأول مرة تبلغنا بخبر خطبتها و ثار أبي عليها و طلب منها إلا تأتي إلي منزلنا مجدداً و أخبارها لا شأن لنا بها ولكن في صوتها رنة غريبة هي لم تأتي لتخبرنا بل آتت لشيء آخر و يا ليت كنت علمتٌ وقتها ..
فبعدما عاد هو من هناك كان قد تغير تماماً لا يحادثني ويتحاشني دوماً ولا يواجهني ظللت علي تلك الحالة شهراً آخر لم أجرو علي محادثته في خطبتنا لأني لم أكن أعثر عليه من الأساسي ، وبعد أيام من الشهر ثاني و أنا عائدة مع شقيقتي الكبرى من الخارج وجدت لأفته كبير عليه البانية التي في أول منطقتنا مكتوب عليه"الدكتور فلان الفلاني" و كم صدمت فهو لم يكتفي بهجري و الابتعاد عني تماماً بل فتحت تلك العيادة وأنا لا أعلم من أين له بها ؟؟
أسئلة كثيرة دارت بخلدي و لم أستطع المكوث أكثر من ذلك عزمت ما باقي لي من قوة وذهبتُ إليه العيادة ، كانت فيها بعض المرضي انتظرت إلي أن جاء دوري و دخلت كانت مقابلته لي حارة عينيه كانت تطوق بالاشتياق ، عاتبته لم يجب ظل ينظر إلي و كأنها الأخيرة و لم يقول سوي كلمة أسف لم يتحدث و خرجت من عنده ولم أعرف شيء سوى شعوري بالخوف من المقبل ..
وكانت القاضية في انتظاري بعدها بأيام كان عرسه علي جارتي العجوز الشمطاء و لم أمنع نفسي من النزول ورؤية وجهه الضعيف المطاطي الرأس و وجها الشامت الساخر .
لملمت ما بقي لي من كرامة وصعدت بيتي و بعدها جاءتني والدته و أخبرتني أنه أختصر طريقه الصعب و تزوج من تلك العجوز لتفتح له عيادته !
لم يكن هذا ما أحببت ، ليس هو المنكسر الحزين الذي أراه معها و لم يكن من النوع الذي يستسهل الأمور إذا لماذا فعل ذلك ؟؟
أنا لم أستطعه نسيانه ولا حتى أقف حيرتي و تفكيري في أمره ؟
ولا أعرف ماذا أفعل ؟ ...
**********
الـــرد علي كاتبة الرسالة

عزيزتي ميم جارك ينطبق عليه قول " من كثرة حبه في الحساب.. اختصر دنياه".
هو إنسان ضعيف فاقد القدر علي الصبر لم يكن يقتنع بأنه يجيب أن ينحت الصخر كي يصل إلي تلك العيادة التي وصل لها عن طريق تلك العجوز الذي دفن حياته معها ، هو لم يريد المكافحة و المثابرة و المجهود ليصل هو كان يريد أن يصل إلي ما في نهاية السلم من غير أن يصعد فأستقل المصعد و كان الثمن سنوات عمره الربيعية ..
أما جارتك فهي مهووسة بمالها و أغلب الظن مريضة نفسياً كي تفعل هذا و تتزوج من هم سن أبنائها و أحفادها !!
أنكِ أحبتيه بكل كيانك و النسيان صعب أعلم هذا جيداً لكن قد اختار طريقه ولا مكان لحيرتك فقد اختار و كان ما كان ..
أنتِ الآن كما كان يقطف ورود فجرحت يداه بأشواكها ، إذا تركتيها هكذا سوف تظل تألمك مدي عمرك لكن إذا حاولتِ أخرج الشوك ستؤلمكِ في البداية فقط و مع الوقت سيختفي الألم إلي أن يتلاشي ..
و نصيحتي ليكِ هو أن تتخلصي من حيرتك تماماً و تقنعي نفسك بأنه الآن أصبح شيء لا وجود له في حياتك ولا وجود ليكِ في حياته ، احتملي ألم بداية النسيان و استعيني عليه بالله و أشغلي نفسك في هوياتك و مستقبلك قدر الإمكان إلي أن تتأقلمي و يبدأ الألم في التلاشي نهائياً و تعودي لحياتك الطبيعة لتبدئي من جديد ..
صدقيني الألم في أولها لا يحتمل و لكن في آخره أمل جديد في حياة أفضل ..
تحياتي لكِ ...

****************************

سـارة يحيي محمد 


هناك تعليقان (2):

  1. ولا أدري ما اقول..
    ذكرتني تدوينتك بقصة احدى صديقاتي المقربات.. المسكينة هي الاخرى أفنت ردحا من الزمن تتنظر موعد خطوبتها على زميلها.. كانا عاشقين يتمنيان ان يجمعهما سقف بيت واحد.. لكن أسرته لم تقبل بها زوجة لإبنهم لأنها تكبره بسنة واحدة..أمضت اياما تندب حظها العاثر.. آملة ان تتغير الامور لصالح حبهما..
    ثم كانت صدمتها الكبرى.. تزوج الشاب إمرأة اجنبية تكبره ب 25 عاما ولها بنت في مثل عمره لأنه -بفضل زواجهما- سيستطيع العيش بأوروبا :(

    ردحذف
    الردود
    1. مؤسفة كثيراً تلك القصة !!
      بات أشعر أن الحب سافر من هذا الزمان إلي مكان لا يعرفه أحداً !
      صحيح أني ضد فرق السن الكبير لكن سنة واحده ليست بمشكلة من الأساس كانت أسرته ضيقة الأفق لتقف في طريقة حبهما من أجل هذه فقط ! ، أما هو فقد اختصر الطريق
      واضح أن الجميع أصبح يحب الاختصار !
      مؤسفة قصتها كان الله في عونها و يعينها علي نسيانه
      سعيدة بردك
      تحياتي

      حذف