الاثنين، 9 سبتمبر 2013

"حـذاري من الحــب" نوفيلا 17










جلس عمرو في ركن غرفته يدخن بشراهة يفكر في نهلة الذي أحتار من أمرها ولا يعرف كيف يخرج نفسه من تلك الحكاية خصوصاً أن عمه مازال هنا و يخشي أن يحدث شيئاً غير المتوقع خصوصاً أن نهلة أصبحت نقطة ضعف له ، أصبح عقله لا يتوقف عن الطن و التفكير لكنه وسط كل هذه الأصوات التي تدور في عقله سمع طرقات علي باب غرفته نهض من مكانه و اتجه إلي الباب فتحه ليجدها تقف أمامه قصيرة عنه كثيراً ترتدي روباً قطيناً طويلة وحجاباً خفيفاً أفسح لها الطريق دخلت ثم أغلق الباب فدخلت ثم استندت علي الباب هامسة:
"أول مرة جتلك كان يوم كتب كتابنا "
ابتسم ثم اقترب منها يزيح عنها حجابها لم تعترض حتى أنها تركته يفك رباط شعرها و يخلع عنها روبها ليظهر قميصها الأسود القطني و عندما انتهي و واقف يطلع إليها سألته:
"عجبك كده؟"
"مالك؟"
"يا عمرو أنا مش فاهمك بتقرب مني وفي نفس الوقت بتعبد ها أتجنن منك"
تنهد وجلس علي الفراش قائلاً بصدق :
" يا نهلة أنا محتارة مش فاهم حاجة عندي مشاكل كثير كله جاي مع بعضه ها أتجنن "
رق قلبها له فجلست بجانبه مررت أناملها علي شعره قائلة:
"طيب أحكلي يا عمرو "
نظر لها عمرو ثم رفع عينيه لأناملها التي تلمس شعره فأمسكها وقبلها بهدوء و جذب إليها لتستقر بين زراعيه ناظراً إلي شفتيها و كالعادة استسلمت هي دون أن تقاوم فكاد يقبلها لولا صوت طرقات الباب العنيفة والصوت الغاضب:
"أفتح يا عمرو .. أفتح يا دكتور"
نظرت نهلة إلي عمرو برعب آخذت لحظات للتدارك الموقف فابتعدت عنه راكضة إلي الشرفة أبعد نقطة من الباب و هي تسأل بهمس خائف:
"مين ده ؟"
استدار عمرو الجالس بهدوء غريب علي فراشه و كأن شيئاً لم يحدث هامساً لها:
" ده صوت عمي يا نهلة"
نظرت نهلة له بمزيج من الهلع و التعجب هامسة :
"أنت أيه برود الأعصاب ده .. قوم خبني في أي مكان"
فتح شفتيه ليجيب عنها فقاطعه صوت عمه :
"أفتح يا عمرو عايزك"
صاح عمرو :
"خمس دقائق يا عمي بس "
اتجها إليه قائلاً بهمس:
"ألبسي الروب و الطرحة عشان أفتح "
فتحت فهمها تصيح بهمس:
"يا خبر أسود لا طبعا عمك يشوفني هنا تبقي مصيبة .. مصيبة كبيرة تبقي لو كنت أنت عادى كنت ها أقول هو اللي جاي "
ضحك عمرو هامساً:
"آه صحيح ما أنا اللي متجوزك مش أنتي "
ضربت أناملها علي وجنتيها هامسة:
"أنت بتهزر .. تعالي يا أبني أفتحلي البلكونة دي ها أقعد لحد ما يمشي و بعدين أخرج"
"يا بت برد عليكي بره "
هم بالرد لكن قاطعه صوت عمه مرة أخري :
"بتعمل أيه كل ده يا عمرو !!"
صاح عمرو:
"أصلي كنت بأخد شاور  و بلبس بس "
"طيب خلص و أفتح بقي"
لم يجيبه بل اتجه إلي الشرفة فتحها فدلفت نهلة بسرعة فهز رأسه قائلاً:
"ها يجيلك برد و الله "
"أقفل يا حنين "
ابتسم ثم أغلق الشرفة و اتجه إلي الحمام بلل شعره بالماء ثم اتجه إلي الباب فاتحاً إياه فوجد عمه يجلس علي المقعد جانب الغرفة نظر إليه فبدله عمرو النظر متسائلاً:
"خير يا عمي "
نهض قاسم و استدار له متسائلاً بحدة:
"كنت بتعمل أيه كل ده يا عمرو"
"كنت في الحمام و متوقعتش أن حد يجيلي الساعة واحدة الليل "
زادت حدة نظرات قاسم و هتف:
"عمرو أنت ذكي و أنا عارف و معنديش وقت للعب معك لكن أنا فلوس المصنع دي مش عايزها دي ملاليم "
وضع عمرو يداه في جيب الشورط قائلاً:
" و الله دي  نسبتك في إجمالي الربح "
" يا عمرو أنا محتاج فلوس بجد أنا جاي هنا علي أساس أني .. "
قاطعه عمرو صائحاً:
" علي أساس أني لسه متجوزتش و أنك ها تجى هنا تمسك المزرعة و المزرعة ها تطلعلك فلوس كثير أوي تقدر تأخد منها زى ما تحب بس للأسف لاقيتني أتجوزت و مش قدامك إلا المصنع اللي يتباع و تأخد نصيبك منه و أنا قي علي موتي المصنع ده يا عمي "
صمت لحظة ثم صاح عالياً:
" علي موتي أول مصنع أبوي يعمله يتباع "
قبل أن يجيب قاسم تهات إلي مسامعهم صوت أقدام آتية ، لحظات و ظهرت شمس تركض وخلفها حنان وصلت إليهم لاهثة استرددت أنفاسها ثم تسألت :
"بتزعق ليه كده يا عمرو !؟ .. حصل أيه "
رطب عمرو علي كتفيها قائلاً:
"أسف يا ماما لكن عمي عصبني و خرجني عن شعوري .. تصوري يا أمي عايز يبع أول مصنع بابا عمله مكنش كفاية يورط بابا في أغذية فاسدة يخلي يموت بحسرته قبل ما براءته تظهر بيوم واحد .."
قاطعته شمس بحدة :
"بس يا عمرو"
"لا مش بس خلي يسمع أنه كان سبب موت أخوه .. الحاج أدهم الوالي اللي كان أشرف رجل في الدنيا أبوي اللي أتفضح في أخر حياته و ملحقش يفرح ببراءته  .."
صرخت شمس:
"قولتلك بس يا عمرو بس .."
صمت عمرو فالتفت لقاسم قائلة:
"و أنت أمشي من هنا ما فيش بيع مصانع و لا حاجة .. أبني أتجوز و  خلاص دورك أنتهي قدامك يومين و تمشي مفهوم "
صمت قاسم و نظر نظرة غريبة تنعت بشر غاضب أعمي لا يري لكنها لم تأبي به فذكري موت زوجها و حبيبها تلهب قلبها بالشجاع و الكره تجاه سبب موته فغادر دون أن ينبث بكلمة ، دلفت شمس غرفة عمرو صائحة به:
" روح هات ليا مياه .. حرام عليك فكرتني باللي حصل لأبوك روح"
تمتم عمرو بكلمات غير مفهومة و اتجه إلي المطبخ ينادي علي حنان التي ركضت عندما أوصلت والدته، هتف عليها طلباً منها أحضر كوب ماء فأحضرتها و أخذها منها صاعداً إلي غرفته ألقي نظرة قبل أن يدخل ليجد والدته تجلس علي المقعد بالقرب من الفراش تقدم منها و أعطتها الكوب فتجرعته مرة واحدة و همت أنزالها متسائلة بتعجب:
"روب مين ده يا عمرو"
ابتلع عمرو أنفاسها و نظر إلي روب نهلة التي تكاد تتجمد من الهواء في الخارج ثم انتقل ببساطة إلي والدته التي تنظر له بتعجب قائلاً:
"ده .. ده روب "
"عارفه أنه روب ، بس روب مين يعني ؟"
تلعثم قليلاً:
"ده روب .. نهلة روب نهلة يا ماما"
" و أيه جاب روب نهلة هنا إن شاء الله يا عمرو"
تلعثم عمرو و راح يشاور و يتمتم بكلمات غريبة غير مفهومة فصاحت شمس:
"عمرو أنا مش فاهمه منك حاجة "
" يا ماما أنا بقول أن نهلة نسيته لما كانت هنا "
رفعت شمس حاجيها متسائلة:
"كانت هنا بتعمل أيه"
"أبداً بتسألني علي حاجة كده وطلعت علي طول بس نسيت الروب"
" وهي كانت قلعته وهي بتسأل "
" لا دي كانت ماسكة كده و أنا قولتلها أنا جوزك بقي و كده !"
" مش مقتنعة بس أتلم بقي و أتجوزا و تكمل في بيتك مش ناقصين عمك يقول كلمة ولا كلمتين  .. وموضوع أبوك ده سيرته متفتحش ثاني ربنا يرحمه "
سار عمرو ورائه مردداً :
"حاضر يا ماما .. حاضر .. حاضر"
نظرت له بتعجب و غادرت الغرفة فأغلقها و اتجها إلي الشرفة فتحها ليجد نهلة نجلس علي أحدي المقعد متجمدة من هواء الليل فجذبها إلي صدره :
"قولتلك أقولهم "
رفعت نهلة نظرها إليه فوجد وجنتيها حمراء قانية فسألها:
"أنتي وشك لون الدم يا نهلة ، أكيد خدتي هواء "
قبل أن تنطق حملها و وضعها علي الفراش ثم جذب الأغطية فوقها ، جلس جانبها يجس حرارتها التي ارتفعت من أثر ساعة في الهواء البارد فتنهدت متسائلاً:
"أنتي عندك حساسية؟"
هزت رأسها بالتأكيد علي حديثه فزفرة بضيق:
"ليه دخلتي طيب يا نهلة و ركبتي دماغك "
لم تجيب فرطب عليها و همس:
" ها انزل أجبلك حاجة تخفض الحرارة و حاجة سخنه تشربيها"
هزت رأسها ولم تجيب فنهض من جانبها و دلف خارج الغرفة ، سار في الممر إلي الدرج و هناك أعيون تراقبه ما إن ابتعدت حتى سارت إلي غرفته و تعجبت حين رأت نهلة تنام في فراش عمرو و الإعياء يبدو عليها فتعجبت متسائلة:
"أنت بتملي أيه هنا يا نهلة"
نظرت نهلة للمتسائل لتجد سلوى نظرت لها فاقتربت منها تجس رأسها ثم قالت:
"أنتي سخنه أوي .. هو عمرو فين "
استدارت نهلة و جذبت الأغطية أكثر عليها قائلة:
"تحت في المطبخ "
قالتها و ذهبت في نوم عميق ينما دلفت سلوى من الغرفة إلي الدرج و منه إلي المطبخ فوجدت عمرو يقف أمام وعاء الماء المغلي فاقتربت منه ضاحكة:
"بتعمل أيه كده متأخر"
انتفض عمرو ناظراً لها فوجد سلوى فتمتم ببضع كلمات قائلاً :
"بعمل ينسون"
"عمرك ما شربته"
"آه .. أصل أنا كنت .."
قاطعته سلوى:
"كنت لاقيت نهلة تعبانه فوق .. عالج يا أخوي عالج"
قالتها وانصرفت تضحك فضحك عمرو علي طريقتها و شرع عمل الشراب و الدواء و صعد إلي غرفته أغلق الباب ورائه و وضع الأشياء التي معه علي الكومودينو ثم جلس بجانب نهلة يعبث بشعرها :
"نهلة قومي خدي الأقراص دي و أشربي الينسون"
"بكرة"
ضحك عمرو و هو  يعبث بشعرها هامساً:
" قومي يا ماما أنتي كبرتي علي كده .. يالا"
استدارت نهلة لتصبح بين زراعيه فهمس عند أذانيها:
"سلامتك"
اتسمت رغم إحساسها بالدوار و أمسكت به جيداً فابتسم هو الآخر و مد أنامله تلتقط الكوب و القرص أعطه لها و جعلها تتناول رشفتين من الينسون ثم أبعدته عنها فأعاده هامساً:
" عشان خاطري يا نهلة .. يالا بقي"
ابتسمت له و تناولته رشفة رشفة بين حديث عمرو الهامس لكنها كانت تحاول تذكر شيء سمعته أثناء حديث عمرو وعمه لكن الدوار لا يجعلها تفكر بشكل صحيح و من كثر تفكيرها و الدوار التي تشعر به استسلمت للنوم ، أنزلها عمرو بهدوء وجذب الأغطية عليها و اتجه ينام علي الأريكة و ين كل فترة و آخري ينهض ليجس حرارتها و يضع لها الكمدات الباردة ...
****************

فتحت عينيها بطئ دارت عينها حولها ثم جلست نصف جلسة علي الفراش فرأت أمامها عمرو فابتسمت متذكرة ما فعله معها ليلة أمس ، نزلت من الفراش و اتجهت إلي الأريكة التي ينام عليها عمرو هبطت تجلس علي ركبتيها و شرعت تداعب شعره للحظات طويلة لم تحسبها لكنه فتح عينيه و ابتسم حين رآها و أمسك أناملها يقبلها هامساً:
"صباح الخير .. عاملة أيه؟"
ابتسمت هي الأخرى:
" صباح السكر .. عيب تسأل السؤال ده أنت دكتور شاطر"
"بعد الشر عليكي من معالجتي .. ده أنا جراح يا نونا"
تعجبت مرددة:
"نونا!!"
"آه نونا بدلع مرآتي .. بلاش؟"
"لا حلو نونا أوي "
همس :
"أقولك سر؟"
"قول"
"نونا أحلي من الاسم"
ابتسمت نهلة و جذبته ليقف فظهر طوله و قصره التي تحبه معه كثيراً ، ابتسمت هامسة بخجل :
" ها نحط خطة "
سألها متعجباً:
"خطة لأيه"
"لليوم يا دكتور"
"طيب حطي "
فكرت للحظات ثم قالت :
"بص أحنا أنهارده ها نقضي كله في البيت .. أنت تدخل تأخد شاور و أنا ها أرتب الأوضه و لما تخرج أنا ها ادخل تستنيني لما أخرج و ننزل سوا نجيب فطار و أكل كثير ونطلع نعقد هنا نتفرج علي فيلم أو نقراء حاجة "
نظر لها بنصف عين قائلاً:
" ما ندخل سوا أهو نوفر وقت يا نونا"
ضربته علي كتفيه قائلة:
" بطل قلت أدب"
" أنا أقصد توفير وقت و نعتره بسين .. أنتي اللي دماغك وحشه "
" يالا أدخل يا قليل الأدب"
ضحك عمرو و دلف إلي الحمام بينما اتجهت نهلة للنافذة فتحتها و استنشقت نسمات الصباح المريحة ثم بدأت في ترتيب الغرفة حتى خرج عمرو بوسامته المفرطة عضت علي شفتيها ثم تركته كي لا تضعف دلفت إلي الحمام و أخذت حماماً بارداً ثم ارتدت البنطال الجينز الذي أحضرته سلوى لها بالأمس من غرفتها كي ترتديه لكنها لم تفعل ، ارتدته و فوقه قميص عمرو الأزرق التي أخذته حين كان هو يأخذ حمامه و خرجت ليفاجأ بها عمرو و يقترب منها محاطاً إياها من الخلف:
"أنتي ها تورثيني  ولا أيه"
ابتسمت و أمسكت زراعيه اللتان تلتفان حولها قائلة:
"آه مش مرآتك بقي و كده"
"القميص حلو عليكي بس أنا بحب قمصانك أنتي يا نونا"
ابتعدت عنه و ضربته بعنف مصطنع :
"بطل قلت أدب بقي و خليني أسرح و أحط الطرحة"
وقف مقيداً يديه علي صدره ينظر لها حتى انتهت من وضع حجابها و دلف معاً إلي الأسفل ...
************
كان قاسم يجمع حقائبه ويرحل بعد أن يائس من الاستمرار فهو ليس شطاناً متجسداً معهم ليفعل أكثر لكنه أصر أن يختم حفلة وداعه بكارثة ، شرع يودع الجميع في برود مصطنع حتى لمح عمرو ونهلة ينزلان الدرج سوياً فنهض في اتجاههم قائلاً:
"كان لازم أسلم عليك قبل ما أمشي"
رسم عمرو ابتسامة صفراء غلي شفتيه قائلاً:
"مع السلامة يا عمي"
ثم اتجه إلي نهلة التي أمسكت بعمرو أكثر قائلاً:
" أنا أسف لو وجودي كان غير مرغوب فيه يا مدام لكن سامحني كان لازم أتأكد من جواز عمرو"
رددت نهلة:
"تتأكد؟؟!!"
ابتسم بخبث:
"آه أصل أخوي والد عمرو كان كاتب زى وصية لما عمرو متجوزش قبل سن التاسعة و عشرين و كان قاصد هنا أنه ميتمش ثلاثين و هو لسه عازب زيه يعني أخد أنا المزرعة أدرها لحد ما يتجوز لكنه هو في ظرف أسبوعين قبل سفري كان متجوزك أكيد كان في بينكم قصة حب كبيرة .. مش كده ؟"
نظرات نهلة خاوية صامتة و غضب عمرو ظاهر لم يكتمه و لم يحاول بل صاح:
" مع السلامة يا عمي "
ابتعدت قاسم و هو يودع شمس المصدومة مرة آخري قائلاً:
" مع السلامة يا حاجة .. و سلمي علي والد و والدة مرآت أبنك اللي شغالين بره من كأم شهر في مصنع و شركة صاحب أخو الولد "
قالها و سار ناحية الباب و خلفه شيرين تاركين المكان في حالة أشبه بالصدمة و أقرب للبركان الذي علي وشك الانفجار ...



يـتـبـع...

هناك تعليقان (2):

  1. قاسم فعلا ولع الدنيا كلها و خلع

    ردحذف
    الردود
    1. فعلاً
      ولعها قبل ما يمشي و مشي
      بكره الناس دى اللي بتولع حريقة وتسيبها وتمشي
      منورة :)

      حذف