الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

العروسة للعريس .. و القاعة للمتعايس !!!






مـقـال سـاخر









بما أن المقال السابقة كانت عن عزاء السيدات و ما يحدث داخله و الذي غالباً ينقلب إلي نادي ليلي يجيب غلقه وتكسيره وحرقه و تفجيره ..

ما علينا !!

بما أن المقال السابقة كانت عن العزاء فالطبيعي تكون المقال دي عن الفرح أصل الاثنين تقريباً وجهين لنفس العملة !!

و كالعادة تبدأ حالة هسترية الفرح في لحظة وصول و قراءة الآتي :

"يتشرف فلان الفلاني و علان العلاني بدعوة سيادتكم إلي حضور حفل زفاف كريمة الأول علي نجل الثاني و ذلك في تمام الساعة التاسعة من اليوم الترتاني في قاعة كذا كذا بالانجليزي بفندق كذا الخمس نجوم  ..

ملحوظة:ممنوع "إصطحاب الأطفال .. الدعوة شخصية تخص حاملها فقط "

من هنا يبدأ الهرج و المرج في كل بيوت العائلتين و المدعوين .. زيطة و زمبليطة وتليفونات من الكل للكل ، "هبة ها تلبس أيه في الفرح ؟" .. " والله ما أنا عارفه ماعنديش حاجة خالص " .. تضع أحدهن السماعة و هي تجز علي أسنانها قائلة:"كاذبة دولابها مليان هدوم بس هي مش ها تقول عشان تبقي الأحلى لكن علي مين..".

و تليفونات متصلة لمدة يومين من بعد استلام الدعوة و في الثالث تبدأ حركة نشاط في محلات الملابس و مراكز التجميل و الكوافيرات ..

"عايزه لون شعر يسرا " .. " أعمليلي الطرح أسبنش _لفة هدية علي مزاجك يعني_ و عايزه خلطة  تخلي وشي القمحي أبيض !!"

و الرجال يضعون أيدهم علي قلوبهم من ثمن الفساتين و مراكز التجميل .. لا!

و لسه ها يشوفله بدله معقولة و يفتكر بقي :" يووه .. ماعنديش قميص عدل .. و الكرافتة اللي ها تمشي مع البدله دي مبعقة.." .

 وبيهون علي أغلبهم كل المشاكل .. إن الفرح فرصة ذهبية لرؤية أحلي بنات العائلة و باقي العائلات !!

و تبدأ التجهيزات لحد قبل الفرح بيوم ، وفي اليوم ده تبدأ مرحلة الاتفاق والتعليمات ..

"ها نسيب العيال فين ؟.. عند أمك طبعا .. أمي رايحة الفرح نسيبهم عند أمك أنتي .. يا سلام يعني أمك تروح الفرح و أمي أنا تتحبس في البيت أحنا نأخذهم معانا .. دول منبهين أن العيال ممنوع .. سيبك ده كلام !! "

"ماما ها نروح في عربية مين .. ها نروح في تاكسي يا نسمة .. لا أنا مش أقل من هبة و سعاد لازم أروح في عربية .. خلاص نبقي نكلم وليد يأخذنا أهو ممكن لما يشوفك و أنتي بالفستان يفكر فيكي و لا حاجة  .. لا يا ماما أحنا مش عايزين نستعجل أكيد الفرح مليان "

لكن أصحاب الفرح بقي في الفندق يتفقون علي تفاصيل الفرح ..النمر ها تطلع منين .. أهل العريس يمين وأهل العروس شمال عشان محدش يشبط في حد ولا حد يشبك مع حد .. البوفيه عشاء ولا كفاية حلو و النفر ها يقف بكأم .. لا كثير خليه بكذا .. مش مهم الحاجات دي المهم الجمبري ده أنا واعد الناس ها أكلهم جمبري أمال هزلهم بأيه .. لا نخفض عدد المعازيم أحسن كده كثير  .. و يتمم علي ميعاد البوفيه و يكون متأخر أحسن الناس تأكل وتمشي علي طول .

وبعدها يكوع الزبون العربون و يمشي للاستعداد ليوم الفرح !!

و المرحلة الأخيرة في يوم الفرح .. يقف أبو العريس و أبو العروسة منشكحين علي باب القاعة في استقبال المعازيم الملمعين بزيادة أوى لدرجة التنافر منهم و اللي هم ميتين نفر و ما فهمش أطفال .. لكن وجوهم تبدأ في الانغلاق شوية فالميتين أصبحوا تلتماية .. و خمسين أطفال .. ربعماية .. و خمسين أطفال .. فتصفر الوجوه و تطلع المعدة أصوات و يدق القلب أعلي من دق الطبلة .

لكن القادمون مهلهلون الوجوه جداً مصطحبون معهم الأطفال و الأصحاب و الأقارب اللي مش معزومين أصلاً غير شاعرين بالمأساة و السبب أنهم يفكرون فقط فيما سيرونه من أزياء و بنات و شباب و سيتعرفون علي أخر أخار النميمة من شرق العائلات لغربها  ثم يختمون الليلة بالحدث الأهم و الأكبر و الأعظم وهو البوفيه !

الهم أني واحدة من الناس الذين يتقافزون فرحاً عندما تصل إلّي أحدي دعاوي الأفراح .. فأي كاتب في الدنيا يعشق الفرجة و التأمل و الفحص والتمحيص في خلق الله فمن هذا التمحيص أخرج بخمسين رواية و مائة قصة و كأم مقال زى دي .. ومش الكتاب بس ده جميع فئات الفنانين التي تخطر علي بالك ..

و بعض الناس يفضلون الجلوس في مكان يستطع منه مراقبة الجميع و هذا مكاني المفضلة ليس للتسلية لكن لدراسة أشياء يتوارثها بعض الناس دون أن يفكروا فيها أو ينتبهون إليها حتى و لما تسألهم مش بيلاقوا رد غالباً !

المهم يستقر أهل العريس ناحية و أهل العروسة في الناحية الثانية و تبدأ النظرات .. نظرات من غير مناسبة كلها غلاسة وتعال وقنعرة و مع أول احتكاك تخر الألسنة سكر وعسل ومجاملات وكذب مفضوح أوي و كمان في نظرات باحثة 

زمان كانت بتدور علي عرائس للشباب العزاب لكن لأن عدد البنات زاد و بقي أكثر من الهم علي القلب بقيت النظرات بتدور علي عرسان يشيلوا البنات و يزيحوهم من علي قفا أهالهم .. لكن الشباب عارفين المصائد اللي منصوب ليهم و عارفين يتفادوها من غير التضحية الحديث مع البنات والتعرف عليهن ، أما البنات فالموضع الطبيعي لهم السير خيلاء مستعرضات الفساتين متعوجات متدلعات أو جنب العروسة وهات يا رقص و فجأة تكتشف كل واحدة أنها دينا رقم أثنين عسي أي حد يتكعبل حتى لو كان ما ينفعش المهم السمعة إن فلان أتقدم و أترفض !

ودي من العادات اللي الناس ورثتها عن بعض من ما تفكر فائدتها إيه !

أيه يعني أن فلان الفلاني أتقدم و أترفض ما الجواز في أصله عرض وطلب يا في قبول وراحة يا ما فيش !

مش لازم بقي كل واحدة تبدأ كلامها أنا أتقدم ليا كذا وكذا و رفضهم و لا لازم الثانية ترد عليها أنا أتقدم ليا عشرين واحد الشهر اللي فات و رفضتهم عشان ده مش دليل علي جمالك و سمعتك ساعتك الطيبة ده دليل علي كذبك و مخ ساعتك اللي غالباً موجود مكانه جزمه كعب عالي !

أنما الكبار يجلسون مدعين العقل و الرزانة و إن الرجال الود ودهم تصاب نساؤهم الغيبوبة حتى ينفلتوا من جوارهم و النساء يتمنون من الرجال أن يصبوا كامل اهتمامهم و كلماتهم المعسولة عليهن حتى يري الناس مدي الحب بينهم!

و يستقر الفرح نوعاً ما بعد وصل العريس والعروسة و بعد نظرات الحسد والحقد و النبر علي الفستان و الطرح و الاشمئزاز ولوي البوز والهمس علي جنب

" العروسة مش أوي .. مش أوي دي تقرف خالص .. ياما قولت خد بنت أختي وهو يطنش خلي يشرب بقي "

و تبدأ الأغاني أو النمر اللي موجودة و هنا يبدأ عمل الأطفال .. العياط و الزن يشتغل و الأكبر شوية يجروا في كل مكان في القاعة و الغلاسة تبدأ علي أي حد حتى لو مش عارفه !

و مش عارفه ليه الأطفال الغلاسة هي بس اللي بتحضر الأفراح ، يمكن لأن النوعية دي بس اللي مسموح ليها حضور الأفراح لخرابها و تبوظها بدافع انتقام كل أم كانت عروسة وحصل فيها كده .. و دي عادة ثانية بنورثها و أحنا مش أخذين بالنا !!

ده غير أن كل بنت لازم تدخل تتصور في حمام القاعة و ده طقس غريب مالهوش سبب واضح وصريح لحد الآن ، ده غير الحركات الغريبة اللي بتشمل حط اليد علي البق و الضحكة بكسوف مصطنع عبيط و كلمات "لا مش ها أرقص .. أتكسف يا طنط .. لا مش ممكن " و ده بينتهي أول ما بتلاقي مكان جنب العروسة وهات يا هز وسط وحركات غريبة لا تمط للرقص بصلة !!

و عواجيز الفرح حاجة من الأخر يعني كلام علي كل من هب ودب و تقطيع في فورة القريب و البعيد سيان مش بيفرقوا ومش عجبهم الكل بلا استثناء !!

تفاصيل الأفراح كثيرة لكن التفصيلة المهمة بجد هو موقعة البوفيه

بعد ساعة من الفرح الناس تبدأ تسأل عن ميعاد البوفيه وخلص ولا لسه ، تدخل أم العروسة تطمئن علي وجوده البوفيه المهندم_قبل وقوع التتار _  كل شيء مرصوصة بعناية و دقة فتطمئن و تخرج تعلن البيان الهام ببدء الهجوم .. بكلمة"أتفضلوا يا جماعة البوفيه ..."

و قبل ما تكمل الكلمة تكون القاعة خيلت من معظم المعازيم ماعدا المسنين اللي عملوا حسابهم و أتوا بأحفادهم و أبنائهم ليحملوا إليهم كل ما زاد وزنه و سهل هضمه ، وبعض الناس المكسوفين يقوموا لكنهم بيفكوا بعد دقائق و ينطلقوا !

في اللحظة دي تكون القاعة بتصفر ،لا تتار ولا هكسوس  و لا حتى جيوش صدام و أمريكيا نفسها .. هول بعيد عن السماعيين دي معركة الفناء أكون أو لا أكون .. أكل ولا أكل .. ألحق صدر الديك و شوية جمبري ولا جناح فرخه !!

منظر لطيف أوي ده غير الطابور و التفكير في أن الصنف المهم ها يخلص وكره الشخص اللي قدامك حتى لو أبن خالك و منظرك أول ما تأخذ الطبق و تحط فيه كل اللي قدامك و المدام الناحية الثانية بتشيل كل اللي قدمها و تحط في الطبق و كأنها مجاعة .. و الخوف من رجوع مكانك وتسيب الحلو فتحط ده علي ده و أهو كل ها يتهضم في الأخر ..

و تبدأ مرحلة الأنقاض علي الطعام ،واللي يلفت النظر في المرحلة دي أن الضجة اللي كانت تملأ القاعة تحولت لهدوء مريب جداً ماعدا صوت المضغ و طحن الطعام و معاناة الأسنان في القيام بعملها ، ومهما اشتغلت أغاني أو طلعت نمرة جديدة لشدة الانتباه ثاني ما فيش فقد علت الكروش و ضغطت علي الحجاب الحاجز و أعاقت أي محاولة للحركة أو النفس حتى !

ده لو البوفيه أبون لكن لو الأطباق بتنزل بنمط واحد علي الكل فاللي بيحصل أفظع، يبدأ كلام من نوعية :

"أبني لسه مش أخذ .. أنا لسه مش أخذت .. لو سمحت نزل هنا ثاني .. !!"

و الأطفال في الحالتين لعب جوه الطبق و لحوست الدنيا بالناس اللي حوليهم ، و أي أم تحشي في بق أولادها أي حاجة وراء بعض و لما تنزله وتركز هي في الأكل يقوم هو رايح علي حد و منزل اللي أكله علي رجله ومسح أيده _و ممكن أهله كمان يعملوا كده ما هو مش ها يعمل كده من نفسه_ في مفارش الطرابزت والكراسي !



و في نهاية المرحلة دي تبدأ العيون في الانكسار و النفس يتقل و يصاب الجميع بخمول و كسل و بعضهم بالتفقير و انكسار الرأس علي الصدر ثم تبدأ الهمهمات" تيجوا نقوم بقي؟"

و اللي بيفضل للأخر نوعين نوع المرسلين اللي لازم يفضلوا للأخر عشان ثاني يوم ينقلوا كامل الأحداث والتفاصيل للي مش حضر الفرح ، و النوع اللي صعبان عليه العرسان و أهلهم وقرر يقعدوا أكرماً للعرسان و أهاليهم ..

و في النهاية يكوع اللي ها يدفع مبلغ و قدره و ما يكوع إلا الشاطر ، و بعد كل ده ولا كلمة شكر للناس اللي كعت أد كده و عزمتها لا ده كمان بيتسلوا بالكلام عنهم قبل و أثناء و بعد الفرح !!

و تمشي العروسة و هي مكسوفة من تصرفات عائلتها قدام عائلة العريس و كأنهم لأول مرة يشوفوا أكل أو يدخلوا مكان نظيف و من البنات اللي عقلت ثلاثة أرباع أصحاب عريسها و الشباب اللي عكسوا و أتريقوا علي كل واحدة مش تابع عائلتهم  و  جنبها العريس المحرج من لعبة حرب المجاعة اللي عائلته عملتها و أصحابه اللي عقلوا نص بنات أقارب عروسته و البنات اللي كانت ماشية تدور علي عريس و بيدعي ربنا يعدي كل ده علي خير !

و يرحوا العرسان وهم في قمة الإنهاك وكل واحد محرج يبص للثاني  !!

و تفضي القاعة من الجميع لكن تبقي آثار المذبحة واضحة علي البوفيه و الطرابزت المبقعة ببقايا الطعام و الأرض معكوكة ببقايا هرس الأحذية للجاتو و الكريمة و حبات الكرز و البتي فور وما شابه ..

 و رغم فرق المستويات لكن اللي بيحصل واحد تقريباً باختلاف الطريقة اللي بتخلي الضرر الأكبر علي العرسان ، ما هو الواحد بيحب يفتخر بعائلته مش يتكسف منها لأي سبب و كل خطوات الجواز مش بتظهر المعدن الحقيقي ، هو يوم الفرح اللي بيكشف المستخبي و بتظهر كل عائلة علي طبيعتها و بتحدد هل العائلتين ها يتجنسوا ولا ها يتنافروا و العرسان يستقلوا بحياتهم بعيد عن الاثنين و ما فيش داعي للمناسبات و الزيارات الكثير و ده صعب غالباً !

أصل الجواز عائلتين بيدخلوا في بعض لو كل عائلة ماعندهش المساحة اللي تقدر العائلة الثانية تتدخل فيها بتسبب مشاكل للطرفين لكن بردوه مش ها نأخذ ذنب حد بعائلته يعني هو اختارهم !

اختصار القول في النهاية الفرح بيبكي علي الليلة اللي أتصرفت فيها الفلوس بالهبل و تصرف الناس فيها بطريقة غير حضارية و أحدث كم من المظاهر الهسترية المتخلفة و في نهاية كل ده أيه " العروسة للعريس .. و القاعة للمتاعيس " ...!!!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق