السبت، 10 سبتمبر 2016

صلي من أجلنا " يا مريم " .. سنان أنطون

" السلام لكِ يا مريم ، الممتلئة نعمة ، الرب معك ، مباركة أنتِ في النساء
و مباركة ثمرة بطنك يسوع ، يا مريم القديسة ، يا والدة الله ، صلي لأجلنا نحن الخطاة
الآن ، و في ساعة موتنا ، أمين "

أن تعيش في الماضي :
قرأت من أيام علي الفيس بوك بوست صغير يصف فيه نوعية معينة تقرأ نوع من الأدب يراه رديء بالحمارية ، بكل نرجسية العالم يقف و يظن أن من حقه أن يقيم آخرون و ينعتهم بتلك الصفة .. تري أيهم الحمار الحقيقي ؟
و هكذا ستظل تنخر العنصرية دماء العرب ، ستظل تنمو بالداخل حتى تصل إلي اللحظة التي سيكره فيها الإنسان كل شيء عدا ما يراه بالمرآة .
العنصرية هي شكل عنيف من الأنانية ، هي شكل لا يسمح لك بتقبل أي رأي أي شخص أي دين سواك .
أنت الأفضل ، لما كل البشر لا تفكر مثلك؟ لا تقرأ مثلك؟ لا تعلن إيمانها بدينك ؟
الزهو بأنك من اختاره الله سبحانه و تعالي ليفعل كل الخلق مثله !
و لكن هذا غير صحيح أبدًا !
الله لم يأمرك بأن تتدخل الناس بالغصب و القتل في دينك ، لم يقول في كتابه أنه يحتاج لدافعك المحموم بالدماء و الصراخ عنه !
أنه خالق الكون كله ، فهل يحتاج لمشّداتك كي تدافع عنه ؟
الهجر بالعلاقة الخاصة جدًا بينك و بين الخالق ، هل هذا صواب ؟
أنك تتظاهر بالأيمان أم أنت مؤمن فعلا ؟ ، و إن كان جوابك أنك مؤمن فلم تقتل لكي تخرج من لا يعتنق دينك ؟ هل هذا ما طالبك به الله ؟
إن الإمبراطور قسطنطين الأول  الذي أعلن مسيحيته و كان البلد الذي يفتحها الذي لا يريد أن يصير مسيحي كان ينخر عنقه بمباركة الكنسية  سنة 337 ميلاديًا .
و من بعد المصطفي الذي كان يأخذ جزية علي من لا يريد الدخول إلي الإسلام ، صارت الحروب الفتوحات أعنف و كان يقتل و يعذب من لا يريد الدخول إلي الإسلام .
و نمت العنصرية حتى وصلت لحروب أهلية من طائفة لأخرى في ذات البلد ، نهدم بلد و نخرب وطن لكن لا نتعلم أن نحيا مع بعضنا البعض .
تتطور الوضع الآن لمشدّات علي مواقع التواصل _ الإجتماعي _ لحرب ظاهرية و شن هجوم علي كل من لا يعتنق دينك و يفعل ما تفعل ، علي الرغم من أننا لسنا في ظرف يسمح لنا بالحكم علي الغير ، و كل ما نستطيع فعله هو الحكم علي أنفسنا إلا أننا لا أي شيء سوي الحكم علي الغير ؟
سأتحدث قليلًا عن الإسلام بما أعرف و معرفتي قليلة ، لكني قرأت في القرآن الكريم سورة النساء  :
" وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا "
لم يطلب منك الله أن تحارب و تسفك الدماء باسمه ، لم يطلب أن تقتل و تخانق من أجله ، لكنه طلب الطلب الأكرم في سورة الغاشية :
" فذكر أنما أنت مذكر ، لستْ عليهم بمصيطر " .
الله يطالبك بالذكر و لا يجعلك منك مسيطر ، أنت لست بخالق الإيمان داخل النفس و لست أنت من تكرهم علي الإيمان !
الله ليس في حاجة خناقك من أجله ، أنت من بحاجة لأن تستمع له و تذكر بالتي هي أحسن .
العنصرية تتشعب من الدين للشكل للون للغة ، كل ما هو مختلف عنا فهو منبوذ كافر غبي !
و هذا سبب حرب العراق 1991 حيث عاد البشر إلي السراديب لأن طائفتين قرروا خوض معركة طاحن .. لم يخطئ سعد زغلول بل أظنه علم مبكرًا أننا لن نتفق و لن نستمتع سوي لأنفسنا ، الأنا العليا هي من تحركنا و تقودنا و هي تضع عصابة بيضاء علي عيوننا !
هيا نخرب الوطن لأن :
مسيحي بس محترم
يهودي لكن مش مالهوش دعوة بإسرائيل
أظن أننا جمعيًا نحتاج للعيش في الماضي حيث الأنانية في صورها الأولية الغير مضرة .. في الماضي البعيد قليلًا لم يكن أحد يقتل الآخر باسم الله .
لكن مها لن تفعل ، أظن أننا لن نستطيع أن نفعل ..
الرواية مستوحاة من أحداث تفجير كنسية النجاة 2010 ، ربما لم يتحدث عن تلك المأساة كما تحدثت مها في رأيي ، عن طريقة الإرهابيون و لفظ الطلقات علي بشر باسم الله في مكان عبادة لله !
كيف الفرق بين مها التي نشأت علي الصراع و العنصرية و معاملتها علي أنها أقلية و يوسف القادم من بعيد ما قبل الضجيج و الإنفجارات و تقلبات المتطرفين  .
مها تري أن لا أمل في الغد و يوسف يري الأمل في الغد ، ربما لأن غد يوسف لن يكون علي تلك الأراضي البائسة أما نحن ربما غدًا علي تلك الأرض حيث فناء الأمل بين جنبات الحرب الداخلية .
أنا  أتفهم مها جيدًا ربما أكثر من يوسف ، لأنها فتحت أعيونها داخل السرداب و صوت الطلقات ، كانت لا تملك عراق سعيد !
ما السبب ؟ ما الذي أدي إلي كل تلك العنصرية المتفاقمة التي تخطت حتى حاجة إباحة الدماء؟ .. أعيد الأنانية .
نحن نمتلك طابع الأنانية حيث لا بشر سوانا ، نحن فقط من نستحق أن يكون كل العالم مثلنا .. حتى بعد مرور كل تلك السنوات و التقدم و مازلنا نتمغوط في العنصرية بشدة و في كل صورة من أبسطها لأقذرها .
نحن نتعلم طوال حياتنا أن نعيش في مجتمع واحد ، وطن بلا تفرق و مع ذلك نفرق طول الوقت و نحكم علي الآخرين من خلالنا لأنهم لا يشبهونا !
لذا نستحق هذا الجحيم بجدارة .
الرواية صغيرة الحجم و نمط سردها متكلم منقسم بين يوسف و مها ، السرد كان سلس و بسيط لم يكن مميزًا لكنه كان جيد ، أما اللغة العامية العراقية لم تكن بالصعوبة التي تخيلتها و ظفرت بفهمها .
متمسكة و مرتكزة علي بضع نقاط فقط لا تخرج عنهما ، يوسف و عائلته و مها و عائلتها بتتابع أربع فصول ، و فصل أخير عن المأساة .
العمل كان جيد لحد ما لم يكن ممتاز ، ربما بسبب اعتماده علي أحداث العراق كعامل الجذب الوحيد و مرور الكرام علي الشخصيتين من كلا الجوانب ليصل لمنطقة السرد التي تتبلور حولها الفكرة ، كسر هذا في يوسف قليلًا  لكن في شخصية مها شعرت به يركض ليصل للنقطة التي تخدم الفكرة .
لكنها تظل جيدة و أجادت وصف الأحداث و المأساة .
التقييم
6.9/10   







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق