هل تعرف فرنساويات المظهر ؟
تلك الفئة التي لهن مساحة خاصة من الحياة
دومًا شقراوات حتى و إن لم يخلقن كذلك ، رشيقات القد مهندمات
الثياب ، يرتدن الماركات العالمية و المحلية ، لديهم غرفة ثياب و ركن مخصص لأدوات
الزينة ، يختارنا لون طلاء الأظافر المناسب لكل ثوب ، و يختارنا الثوب المناسب
للوقت المحدد للخروج !
ثيابهن براقة جذابة لامعه ، تجذبك و تشعرك أنك لم ترتدي
شيئا من قبل ، و تكتشف أن ثوب من أثوابهن بثمن نصف ثيابك إن لم يكن جمعيها .
تلك النوعية التي تقضي وقتها في الثرثرة علي الهاتف ، و
السفر و التقاط " السيلفي " في
كل مكان ، تلك النوعية التي اختراع من أجلها تطبيق أنستجرام لذلك سارعنا بتوصيله
بحساباتهن و تنزيل ما يمكن تنزيله من الصور و المنتجات و أسلوب الحياة .
ستجد صور لحيوانات ألفية في شرفة أنيقة علي حديقة غناء ،
و " سليفي " أمام مرآه لفستان جديد ، و صور لزجاجة طلاء أظافر و أصابع
مطلية حديثًا ، و زجاجة عطر بجانب مجلة يصلحن عليها كعارضات ، و ستجد صور لقبعة و
شعر كيرلي ، و شوكولاته مع كوب نسكافيه كطعام صباحي ، و ترينج سوت في جيم لامع ، و
الكثير من الأماكن التي ربما لن تذهب إليه حتى بأحلامك .
و حين يوددن الظهور بمظهر المثقفات يلتقطن صورة لكتاب
بغلاف براق حديث بالإنجليزية أو العربية ، مع كوب قهوة صغيرة يصلح للصور .. سيكون الكتاب رومانسيًا حالمًا مع نهاية
حزينة مشتتّة ، ذا أحرف براقة و كلمات مختار بعناية لم تعطي للقصة و الشخصيات ،
كلمات وجدت لتصبح رنانة صالحة للاقتباسات
، فيضعنها علي الفيس بوك تحت شعار " دعونا نحزن بأناقة صاخبة "
ستجد لديهم مكتبة ذات تصميم خلاب ، سيدهشك ترتيبها و كم
الكتب الأنيقة فيها ، أكثرها لم تقرأ و لن تقرأ ، فهي تصلح أكثر للصور مع فنجان
القهوة و الشوكولاته الساخنة في شرفات تطل علي مناظر لا تقاوم النظر إليها .
يقضيان معظم وقتهما في الثرثرة و السفر ، و متابعة أحداث
الأشياء ، يتابعن عروض الأزياء و يسافرن إلي باريس لشراء الثياب و العشاء علي
طاولة في برج إيفل ، يحظي أغلبهما بأسرة راقية و خصوصية مفروضة و أناس تستطيع
التباهي بهن ، لا يتبادلن الشتائم و الأفعال السخيفة ، تستطيع أن تري كل مقومات
السعادة مع ذلك غير سعداء و في حزنهم المفتعل أناقة تجعلك تسأل ما هذا الحزن ؟
ليتني فتاة تعرف أسماء جميع العطور ، و تبالغ في الاهتمام بزينتها علي أن أكون فتاة
تلطخ عينيها حين تضع الكحل ، و تهرب معظم اليوم بين جدران غرفتها تكره الشوارع
التي عليها أن تذهب إليها ، و تشعر كما لو أنها لا تستطيع اختيار حياتها و أن هذا
المكان الذي توجد فيه ليس مكانها الفعلي ، و الأناس من حولها ليسوا كما تريد !
ليتني فتاة ولدت لتسافر و حتى و إن لم تكن تصلح كعارضة
أزياء ، كان يكفي أن تصلح للسفر و قراءة الكتب و أن تذهب كل صباح لمقهى صباحي صغير
حميم تشرب العصير و تتناول فطيرة فراولة و هي تقرأ كتاب خفيف و تستمع لأغنية هادئة
وحدها بصوت نينا سيمون .
الوحدة ليست نقمة دائمًا ، أحيانًا تكون الميزة الأكبر .